شهيد شارع القاهرة المجهول

شهيد شارع القاهرة المجهول

ماضياً على دراجته الهوائية, ربطة الخبز على المقعد الخلفي ورأسه مُطرِقٌ بخطوات الطريق وقدميه ترتفعان وتنخفضان بثقلٍ واضح على دواستي الدراجة الهوائية.

مسرعاً بين الأحياء لإيصال لقيمات الخبز لأطفال ينتظرونها بشغف الجائع. قلّة ممن يخاطرون ويخرجون في هذا اليوم, فالطرقات خاوية الآن.. كيف لا واليوم هو الجمعة.

لم يكن يدري ما انتظره تلك اللحظة في شارع «القاهرة» الذي لم يعد أحد يعبره من بعده, لحظة اجتيازه «الخالديّة» ذاك الحي الصاخب مروراً بالشارع المستكين في مثل هذا الوقت.

أمتار قليلة قطعتها إطارات دراجته لتتوقف فجأة بعد صوتٍ آتٍ من الجهة المقابلة, صوتٌ كان كافياً ليوقف الوقت للأبد عند هذا الرجل, الدماء تسيل منه وهو مرميّ على الأرض, وأرغفة الخبز إلى جانبه على الإسفلت بلون أحمر لم تعرفه سابقاً.

فدائيٌ ما مجهول كهذا الرجل, عبر راكضاً ليصل إليه, محاولاً إنقاذ الوقت قبل أن يتوقف. لم يصلْ, سبقته رصاصة استقرت في فخذه, عاد زاحفاً من حيث آتى ليضمد بقميصٍ أبيض جرحه, منتظراً رحيل تلك العربة الغريبة الشكل عن أعين الحمامصة.

كانت تلك أولى مشاهد الشارع, وأخر المشاهد المصوّرة له, مشهد لم تلتقطه عدسات الكاميرات والهواتف المحمولة, بل عيون القلّة ممن رأوه خلسة من نوافذ بيوتهم. كان مشهده الأخير المرسوم أبداً على جدار عقلي قبل أن تأتي تلك الآلية الصغيرة وتفرغ ما في جعبتها من رصاص بجسده النحيل.

كان ذلك في نيسان 2011.

شهيد شارع القاهرة المجهول

شهيد شارع القاهرة المجهول

شهيد شارع القاهرة المجهول

روابط مفيدة