العالم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أوجوي - نهر الأمطار

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

 أوجوي - نهر الأمطار Empty أوجوي - نهر الأمطار

مُساهمة من طرف أحمد علي الإثنين 06 أبريل 2015, 06:24

على خط الاستواء يشق نهر إفريقي غزير طريقه عبر مزيج من الغابات والسهول الاستوائية، إنه ملجأ كبير للحياة البرية التي لم تطأها قدم الإنسان، إنه عالم منعزل من النباتات الغريبة والحيوانات الرائعة.
تشكل الأمطار الاستوائية هذا النهر الذي يجري عبر أدغال دائمة الاخضرار، إنه نهر الأمطار الاستوائية نهر "أوجوي".
يجري نهر "أوجوي" - بمشيئة الله تعالى - على مدار السنة، عبر غابات الجابون الاستوائية في غرب إفريقيا هذه الغابات التي أنعم الله عليها بأكثر من ستة آلاف نوع من النباتات وهي تشكل بيئة معقدة يختبئ في داخلها عدد من الكائنات.
لا يعتبر النهر موطناً لتماسيح النيل المشهورة فحسب، بل يعيش فيه نوعان آخران من التماسيح الإفريقية: التمساح القزم الصغير، والتمساح رفيع الخرطوم، يعيش في نهر "أوجوي" أكبر أعداد هذه التماسيح المشهورة في إفريقيا وتجد هذه الأنواع الثلاثة ملجأً لها في الجابون حيث الطبيعة بعيدة عن متناول يد الإنسان.
لا تزال هذه الغابات التي تبطن النهر بعيدة جداً عن الإزعاج، وتستضيف بعض الحيوانات النادرة والممتعة، تتضمن حياة الأدغال البرية هنا أعدادًا كبيرة من الحيوانات المختلفة كالقرود البيضاء الأنف والغوريلات الكبيرة وغيرها.
يعيش سبعون في المئة من غوريلات مناطق إفريقيا الغربية في الجابون، حيث تستطيع تجنب شرك الأراضي الموحلة وتختبئ في الغابات المطرية والكثيفة، ولأن نظام غذائها يتطلب الكثير من الثمار تمضي هذه الحيوانات أوقاتاً طويلة فوق الأشجار أكثر مما تمضيه غوريلا مناطق رواندا.
ربما تكون غابات الجابون العذراء السبب الذي هيأه الله تعالى لغوريلا المناطق المنخفضة حتى تعيش بأمان جنباً إلى جنب مع قرود الشمبانزي، يعيش هذان النوعان في هذه الغابات دون إزعاج حيث تبقى الغابات رطبة وخصبة حتى في فصل الجفاف بإذن الله، خلال هذه الأشهر الخمسة تبقى النباتات ندية بفعل الأمطار المتفرقة وطبقات السحب الكثيفة ، التي ترسلها - بحول الله - تيارات المحيط الأطلسي الباردة، تتجمع هذه الندوات في أحواض مياه نهر "أوجوي" منتشرة فتضمن له الجريان على مدار السنة بإذن الله.
ينبع نهر "أوجوي" من الكونغو ومن ثم يجري عبر الغابات الاستوائية التي تغطي أجزاءً كبيرة من الجابون، من منطقة "لانبرين" إلى البحر يتسع النهر ويبطؤ جريانه مكوناً عدداً من البحيرات وينهي رحلة ألف ومئتي كيلو متر في المحيط الأطلسي.
في شهر نوفمبر تشرين الثاني ينتهي فصل الجفاف وتبدأ الأمطار القصيرة بالهطول، وعلى الرغم من أن المناخ الاستوائي حار ورطب طوال العام إلا أن الأمطار تهطل خلال فترتين بارزتين.
فترة الأمطار القصيرة في شهر نوفمبر وفترة الأمطار الطويلة بين شهري شباط فبراير وآيار مايو، الآن وبما أن الأمطار تساقطت ستزهر الأدغال بمشيئة الله، لقد ظهرت نباتات جديدة وعادة الحياة إلى الفراشات وغيرها من الحشرات التي وفرت أنواعاً مختلفة من الغذاء للطيور آكلة الحشرات.
تشكل غابات وسهول وادي "أوجوي" مصادر غذائية متجددة للعديد من الحيوانات، تخرج بعض فيلة الغابات لتتغذى تحت وابل من الأمطار الغزيرة المفاجئة، وبعد فصل قاحل ستستمتع هذه الحيوانات بتناول ثمارها المفضلة مرة أخرى، يبلغ حجم ووزن هذه الفيلة نصف حجم ووزن فيلة إفريقيا المألوفة، وهذا التكيف يساعدها على التحرك والانتقال بسهولة عبر الغابات الكثيفة.
 
يستمر فصل الأمطار القصيرُ ستة أسابيع، يبدأ في شهر نوفمبر تشرين الثاني وينتهي في منتصف شهر ديسمبر كانون الأول، خلال هذه الفترة تنشاب مياه الأمطار عبر الغابات وتتجمع في جداول الأنهار ويتحول أصغر رافد إلى سيل جارف يغذي نهر أوجوي في أثناء جريانه باتجاه المحيط الأطلسي.
يسبب هذا النهر الغزير وتياراته القوية ودواماته اضطراباً شديداً للحيوانات التي تعيش فيه، ولكن بين امتداداته الرملية يوجد خلجان هادئة بعيدة عن المياه المتدفقة تشكل ملاذاً آمناً لحيوانات القضاعة ذات العنق المرقط.
ومع أنها تستطيع العيش في المياه المضطربة إلا أنه تلجأ إلى هذه المناطق الآمنة، إنها أصغر قضاعات إفريقيا، تعتبر حيوانات مائية أكثر من غيرها من القضاعات، حيث تقضي وقتاً طويلاً في الماء تسبح برشاقة وخفة وتنجز صيدها تحت الماء.
تصطاد القضاعة بالاعتماد على البصر وتعتبر الأسماك فريستها الأساسية، رغم أنه هذين الذكرين يعيشان سوياً إلا أنهما لا يتشاركان في الوجبة، وعندما يبحثان عن الطعام يتنافسان؛ لأنهما يفضلان الصيد منفردين، لا شك في أن أحدهما سيربح الجائزة بينما ينطلق الآخر بحثاً عن صيده الخاص.
وكما هو معروف عن القضاعة لا يأكل هذا الحيوان فريسته مباشرة بل يلاعبها قليلاً، يخرج الصياد الناجح من الماء حاملاً جائرته، بينما يكون أخوه لا يزال يبحث عن وجبته، عندما يعاين القضاعة طريدته لا تملك السمكة فرصة للهروب، مع أن مخالبه فعالة جداً إلا أنه يلتقط فريسته بفمه.
انتهى الصيد وها هو يجفف نفسه بحك جسده بجذع الشجرة، وأخيراً قرر الاثنان تناول طعامهما بدءاً بذيل السمكة كالعادة، لا تبعد منطقة القضاعة كثيراً عن الماء ولكنها تمتد على حدود الغابات والأراضي العشبية الموازية للنهر.
خلال فترة الأمطار القصيرة جمعت الأراضي العشبية مصادر مياهها الذاتية، وتعتبر هذه البركة المائية الهادئة منزلاً لمخلوق غريب المظهر، يشبه هذا النيص الوبري الذيل جرزًا كبيراً أكبر من النيص المألوف الشكل، وكما هو ابن عمه يتغذى النيص على الجذور والدرنات والجذوع.
إن الظاهرة التي تميزه عن غيره من القوارض هي خصلة الشعر البيضاء في آخر ذيله والمؤلفة من ريش أجوف يحركه عندما يتعرض للخطر، أما ما تبقى من جسمه فهو مغطى بهلب عريض حاد.
بوجود قوائمه المكثفة جزئياً يتكيف النيص في الماء جيداً ولا توجد هذه الأنواع إلا في المناطق الاستوائية الرطبة في غرب إفريقيا وشرقها، تختبئ هذه الحيوانات تحت غطاء كثيف من النباتات طوال الوقت حيث ترعى بهدوء تتحرك بين أعشاب السهول الطويلة والغابات الكثيفة من دون أن يراها أو يسمعها أحد.
غابات استوائية مورقة تتغذى على مياه نهر دائم الجريان، تحيط الغابة بضفاف نهر أوجوي على امتداد مجراه.
هنا تختلط أشعة الشمس الأشجار برفق لتسطع على أرض الغابة حيث تفترش الأوراقُ الساقطةُ أرضها الرطبة، إنه مكان دافئ ورطب لبناء عش ثعبان الكُوبرى، لقد وضعت بيضها منذ عشرة أسابيع وهاي هي تفقس، قد تستغرق هذه العملية أربعاً وعشرين ساعة.
إذا كتب لهذا الثعبان المولود ذو الثمانية والثلاثين سنتيمتراً أن يعيش فسيصبح واحداً من أخطر ثعابين الكوبرى الإفريقية وأكبرها، قد يصل طول هذا الثعبان إلى مترين ونصف المتر، عند ذلك سيحتل مكانه بين الحيوانات كأخطر مخلوق في الغابة.
وعلى مسافة شاهقة من عش الكوبرى تشكل الأشجار منزلاً لعدد من الحيوانات كقرود "مانجابيز" الرمادية المربعة، تتنقل هذه القرود بين الأشجار بسهولة بحثاً عن الثمار والجوز وهي تستخدم ذيولها الطويلة للحفاظ على توازنها.
تعتبر قرود "مانجابيز" من بين أكثر قرود الغابة زعيقاً، ويطلق الرئيس الذكر نداءً مرات عديدة في اليوم ليحافظ على تقارب المجموعة، تتقاسم هذه القرود والحيوانات البهلوانية الأخرى قمم الأشجار.
لقد مد الله - سبحانه وتعالى - قرود "الكولاباس" السوداء بالقدرة على التكيف الجيد في أعالي قمم الغابة، ولقد قضت مشيئته تعالى ألا يجعل لذه الحيوانات إبهاماً لأنها لا تحتاج إليه، وتشكل أصابعها الأربع قوائم على شكل خطاف، وهي فعالة للإمساك بالأغصان.
وكما هي حال مخلوقات الغابة العديدة أصبحت قرود "الكولاباس" معرضة للخطر؛ لأن أماكن إقامتها في طريقها للزوال، وهي تتعرض دائماً للقتل لأهداف تجارية، على الرغم من أن الجابون غير مستثناة من هذه التجارة المدمرة إلا أن عمليات الصيد هناك تمارس بنسبة أقل، والحيوانات تشعر فيها بأمان نسبي.
 
توفر الغابات الطبيعية والأراضي العشبية الفسيحة ملاذاً لفيلة الغابة أيضاً والتي تتعرض للانتهاك من أجل عاجها، من داخل هذه البيئة الملجأ تستطيع الفيلة مغادرة الغابة لتتغذى في العراء.
ولكن يبدو أن الفيلة تشعر بأمان أكثر داخل الغابات المطيرة والكثيفة لذلك وبعد بضع ساعات من خروجها إلى الأراضي العشبية تعود إلى الأدغال ثانية حيث تختفي بسهولة وكأنها أشباح الغابة.
ولكن الأراضي العشبية لا تبقى خاوية لوقت طويل، لأنها ستصبح مسرحاً لمشاهد طبيعية متنوعة.
إن حجم جواميس الغابة أصغر من حجم أبناء عمها المعروفة وأخف وزناً، وكما هي حال الفيلة تعيش ضمن قطعان صغيرة لتتجنب نقص الأراضي العشبية المحدودة والصالحة للرعي داخل وادي "أوجوي".
وسواء في سهول إفريقيا الواسعة أم في المناطق الاستوائية الرطبة تتبع طيور "أوكسبيكرز" الجواميس، وهي تربح هنا جولة على ظهر الجواميس إضافة إلى البحث عن وجبة في الوقت عينه، فتحمي جلد الجاموس من الحشرات وغيرها من الطفيليات، وكغيرها من الجواميس تعتمد هذه الحيوانات كثيراً على الماء وتستمتع بالتمرغ في الوحل يومياً.
على الرغم من توقف الأمطار منذ ستة أشهر أي في منتصف شهر ديسمبر كانون الأول إلا أن البرك الموحلة لم تجف بعد، وستنتعش من جديد مع اقتراب موعد هطول الأمطار، تتساقط الأمطار السنوية فوق أحواض نهر "أوجوي" خلال ثلاثة أشهر ونصف من فصل الأمطار الطويلة، والتي تمتد من شهر شباط فبراير إلى منتصف شهر آيار مايو.
أما الآن فهي سجينة مجرى ماء النهر المنخفض، على بعد مئة وخمسين كيلو متراً من المحيط الأطلسي وبالقرب من "لامبارين" يملأ نهر أوجوي عدداً من البحيرات المحاطة بغابة كثيفة، وتشكل هذه المنطقة الهادئة موطناً للتماسيح.
يعتبر تمساح "دوارف" أصغر تمساح بين أنواع التماسيح الثلاثة في إفريقيا، لدرجة أن صغير هذه التماسيح يخال النملة الصغيرة كائناً كبيراً وهي تزعج راحته، ولا يستطيع الإفلات منها إلا إذا غطس في الماء.
حتى عندما يصبح الصغير كبيراً كوالدته فإنه لن يتجاوز المترين طولاً، ولأن أماكن عيشها سرية فنحن لا نعرف الكثير عن تماسيح "دوارف" للوهلة الأولى يجعلها خرطومها الكثير وغير الحاد تظهر شبيهة بتمساح "الكايمن" الجنوب أمريكي أكثر من التماسيح الإفريقية.
لا يخرج هذا التمساح الخجول من مخبئه إلا ليلاً، وعندما يغادر الماء يلجأ إلى الغابة الكثيفة الآمنة التي تقع بمحازاة البحيرة، أحياناً تبحث هذه التماسيح عن الطعام بعيداً عن الماء مع أن نظام غذائها يتضمن كائنات بحرية كالأسماك والضفادع.
وعندما يبحث على اليابسة أو يصطاد في الماء يعوض هذا التمساح الصغير عن حجمه بواسطة درعه القوية التي تحميه من الحيوانات الأخرى، تعتبر بحيرات نهر أوجوي موطناً لتماسيح النيل والتماسيح المستدقة الخرطوم، ولكن يمكن العثور على هذين النوعين على طول مجرى النهر وصولاً إلى البحر، حتى في مياه أشجار "المانجاروف" نصف المالحة في دلتا النيل تكيفت التماسيح - بإذن الله - على العيش في مستويات الماء المتنوعة وملوحة مصب النهر.
هنا أكملت أنثى التمساح واجبات الأمومة، لقد حمت عشها في فترة حضانتها الطويلة ولكن الصغيرين الذين يبلغان من العمر شهرين باشرا حياتهما بعيداً عن رعاية الأم، سيكبران - بإذن الله - ليصبحا خبيرين بالتقاط الأسماك.
يبلغ طويل التمساح مع خطمه الدقيق ثلاثة أمتار أي نصف الطول الاعتيادي لتمساح النيل الكبير، مع طول تمساح النيل البالغ ستة أمتار، يصبح هذا التمساح من أخطر حيوانات النهر المفترسة، ولن يتردد في اصطياد أبناء جنسه.
انطلاقاً من دلتا النيل وصولاً إلى البحر يتفرع نهر "أوجوي" إلى عدد كبير من القنوات التي تصب أخيراً في المحيط، وهي تشكل دلتا تجتاز ثمانين كيلو متراً من المناطق الساحلية المحازية.
في هذه الدلتا يلقي النهر جميع المواد الغذائية التي جمعها على امتداد مجراه، هذه المواد العضوية تجعل من المصب أغنى جزء في النهر، وتغذي الأسماك التي تعتبر غذاءً الطيور المهاجرة.
تستريح الطيور على أنواعها معاً أثناء رحلى صيدها، بينما تعدو السرطانات بينها بحثاً عن بقايا طعام، تحلق هذه الطيور الملساءُ والرشيقةُ فوق الماء، تعاين فريستها وتنقضُّ عليها، بعد أن ترتاح جيداً فوق الأراضي الخصبة تتابع الطيور المهاجرة رحلتها من جديد وتغادر شواطئ مصب النهر الاستوائية، ويصل نهر "أوجوي" إلى نهاية رحلته.
استنتاج جميل لنهر رائع نهر أعاد الحياة - بقدرة الله تعالى - إلى عدد كبير من الكائنات الغريبة التي تنمو في هذه البراري العذراء ويمدها الله - جل جلاله - بالقوة من خلال نهر الأمطار نهر "أوجوي".
أحمد علي
أحمد علي
عضو مبدع
عضو مبدع

عدد المساهمات : 560
نقاط : 1705
تقييم : 301
تاريخ الميلاد : 08/01/1990
تاريخ التسجيل : 04/04/2015
العمر : 34

http://www.tunisiacreativity.com/forum
-----

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

  • ©phpBB | منتدى مجاني | العصر و المجتمع | مواضيع اجتماعية | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | إتصل بنا | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع