هل تتجه مصر وقطر نحو التقارب؟
هل تتجه مصر وقطر نحو التقارب؟
أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده انطلقت فعلا نحو تهيئة المناخ والظروف للتعامل مع موقف أكثر إيجابية من دولة قطر، في إطار التفاعل مع دعوة العاهل السعودي.
وقال السيسي في حوار خص به قناة فرانس 24 وفي سياق رده على سؤال ما إذا كانت مصر مستعدة لتطبيع علاقاتها مع قطر، خاصة بعد ترحيبها بالاتفاق الذي حصل بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، قال "دعنا ننتظر ونرى النتائج" التي سيفضي إليها الاتفاق.
بيان الرياض والرد المصري
AFPالعاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز كان أصدر بيانا علق فيه على اتفاق الرياض الذي دعا إلى تجاوز الخلافات بين الدول الخليجية، ورحب الملك السعودي بالاتفاق الذي نص على عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة.
وقال في هذا السياق: "أناشد مصر شعبا وقيادة للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي- كما عهدناها دائما عونا وداعمة لجهود العمل العربي المشترك".
القاهرة رحبت بدعوة الرياض لـ "وضع إطار شامل للتوافق بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات" بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية جاء فيه أن "مصر استقبلت بترحيب كبير البيان الصادر من الديوان الملكي السعودي، والذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عن التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يهدف إلى وضع إطار شامل لوحدة الصف والتوافق بين الأشقاء العرب لمواجهة التحديات التي تهدد أمتنا العربية والإسلامية".
الإخوان المسلمون محور الخلاف القطري المصري
منذ الثمانينات وحتى سنة 2013 كانت الصداقة والشراكة والتعاون الطباع المميز للعلاقة بين مصر وقطر، وازدادت هذه العلاقة متانة بعد إسقاط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في 25 يناير/كانون الأول 2011 إذ قام الشيخ حمد آل ثاني، أمير قطر السابق في مايو 2011 بزيارة إلى القاهرة التقى خلالها المشير حسين طنطاوي، الرئيس السابق المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليؤكد دعم بلاده للثورة المصرية.
ومنذ تولي الرئيس الإسلامي محمد مرسي الرئاسة شهدت العلاقة بين البلدين "عصرها الذهبي"، إذ قدمت قطر خلال هذه الفترة مساعدات اقتصادية لمصر، وصلت إلى 5 مليارات دولار، إضافة إلى الاستثمارات القطرية التي بلغت آنذاك نحو 23 مليار دولار، وحينها أعلنت الدوحة أنها ستقف بجانب مصر كي تحول دون أن تشهر الأخيرة إفلاسها.
لكن سرعان ما تصدعت العلاقة بين الدوحة والقاهرة مع عزل الرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في 30 يونيو/تموز، ليعترف وزير الخارجية المصري نبيل فهمي لاحقا بأن العلاقات بين مصر وقطر "يسودها قدر من الضبابية".
الإعلام القطري ضد مصر وبالعكس
AFPقناة الجزيرة الفضائية القطرية
ساهم الإعلام القطري في تأزيم العلاقة بين البلدين، إذ تتهم الحكومة المصرية قناة "الجزيرة" القطرية بدعم جماعة الإخوان المسلمين في دول "الربيع العربي" والتي أعلنتها القاهرة منظمة إرهابية في 25 كانون الأول.
فقد خصصت "قناة" لنقل الوضع المصري تحت اسم "الجزيرة مباشر مصر" تبث من الدوحة وتنقل كافة فعاليات جماعة الإخوان المسلمين، واحت تستضيف باستمرار مناصرين للإخوان ومرسي من بينهم قيادات إسلامية مطلوبة في مصر، أهمهم الشيخ يوسف القرضاوي.
وتصف "الجزيرة إزاحة مرسي وصعود الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى الحكم بـ "الانقلاب" وتستمر في توصيفها هذا حتى بعد إجراء الانتخابات التي فاز فيها السيسي. وهو ما أثار حفيظة السلطات المصرية والعديد من المتعاطفين معها والمقربين منها.
ورداً على السياسة القطرية المتبعة تجاه مصر٬ عمل النظام المصري الجديد على تجميد المباحثات الخاصة باستيراد الغاز الطبيعي من قطر٬ وأغلق فرع قناة الجزيرة الفضائية في مصر٬ وفرض حظرا على مراسليها. ورفض طلبات قطر بزيادة الرحلات الجوية بين القاهرة والدوحة٬ وأعاد منحة قيمتها 2 مليار دولار كانت قطر قد أودعتها في البنك المركزي المصري من أجل دعم نظام "مرسي".
من جانبه عمد الإعلام المصري المتمثل في العديد من القنوات التلفزيونية والإذاعية والصحف إلى مهاجمة دولة قطر، معتبرا أن الأخيرة "لا تعرف حجمها الحقيقي" وسخر من قيادتها التي بدورها شهدت تغيرا كبيرا في أعلى هرمها حيث تولى الأمير تميم بن حمد آل ثاني السلطة من والده حمد بن جاسم آل ثاني في 24 من يونيو/تموز 2013.
علاقات قطر مع جيرانها الخليجيين
AFPلقاء بين قادة مجلس التعاون الخليجي
لاحقا أعلنت السلطات المصرية "الإخوان المسلمين" جماعة "إرهابية" وتبعتها في ذلك كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ثم مملكة البحرين، وقد شكل ذلك حجر الزاوية في توتر العلاقات الخليجية البينية، حيث استدعت هذه الدول سفراءها من الدوحة احتجاجا على السياسة القطرية الخارجية ولا سيما "تدخلها في الشأن المصري الداخلي".
وقد ظل الموقف المصري من قطر متوترًا حتى وقت قريب، حينما أعلنت الدوحة مؤخرًا ترحيل 7 قيادات من جماعة الإخوان المسلمين عن أراضيها، في خطوة رآها البعض مناورة قطرية نتيجة للضغوط الأمريكية عليها، كما اعتبرها آخرون خطوة إيجابية قد تغير شكل علاقاتها مع باقي الدول العربية.
يوسف القرضاوي، هل يبقى استثناء؟
AFPالداعية يوسف القرضاوي والرئيس المصري المعزول محمد مرسي
واستثنت الدوحة من الطرد، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي، الذي أثار حفيظة الإمارات خاصة في خطبة جمعة اتهمها فيها بإيواء المرشح الرئاسي السابق، أحمد شفيقن الذي وصفه بأنه "من رجال (الرئيس الأسبق) حسني مبارك، وزعم أن الإمارات "تقف ضد كل حكم إسلامي، وتعاقب أصحابه وتدخلهم السجون."
وأقدمت الإمارات إثر ذلك على استدعاء سفيرها في الدوحة بشكل رسمي.
وعقب سقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسي وحظر جماعة الإخوان المسلمين ثم اعتبارها جماعة إرهابية لم يتوان الشيخ يوسف القرضاوي في انتقاد النظام الجديد، بل ودعا المصريين إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، زاعما أن المشير عبد الفتاح السيسي الذي فاز في تلك الانتخابات، قد "استولى على الحكم" وأن سياسته سيتسبب "انهيار الاقتصاد المصري".
وردت مصر على تلك التصريحات بتوجيه تهمة الخيانة العظمى للقرضاوي ومطالبة السلطات القطرية بتسليمه للمحاكمة في مصر.
وقد أدت الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدول الخليجية، والتي تزعمتها دولة الكويت في رأب الصدع الذي أصاب العلاقات الخليجية وبالتالي إصدار بيان الرياض وما تبعه من دعوة سعودية لمصر للتفاعل معه بإيجابية.
وهو ما يطرح مجموعة من الأسئلة:
- إلى أي مدى ستكون مصر إيجابية في تعاملها مع الدوحة؟
- هل سيتم تطبيع العلاقات المصرية القطرية، أم سيحول وجود القرضاوي في الدوحة دون ذلك؟
- هل ستغير قناة "الجزيرة" من موقفها المعارض للسلطات المصرية الحالية برئاسة عبد الفتاح السيسي.
- كيف ستتفاعل قطر مع اتفاق الرياض؟ وهل سينعكس ذلك في سياستها الخارجية؟
- كيف سينعكس تحسن العلاقات العربية على الساحة الإقليمية التي تواجه خطر تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى