العالم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تحليل عقلاني لأزمة "المرسومين"

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

تحليل عقلاني لأزمة "المرسومين" Empty تحليل عقلاني لأزمة "المرسومين"

مُساهمة من طرف Ch.Marwen الأربعاء 30 ديسمبر 2015, 01:05

تحليل عقلاني لأزمة "المرسومين"


السبت 26 دجنبر 2015 - 22:23
الأزمة التي نشبت بسبب المرسومين الوزاريين المتعلقين بفصل التكوين عن التعيين وتقليص منحة المتدربين هي أزمة اجتماعية وسياسية بدون شك. لكن لهذه الأزمة بعدا آخر لا ينبغي أن يضيع وسط أي پوليميك سياسي. يكمن هذا البعد في السؤال العقلاني التالي: كم من الأساتذة نحتاج لتعيينهم كل سنة؟ وكيف نبرر هذا العدد؟ سأبين في هذا المقال أن هذا العدد يتجاوز العدد الذي تصر عليه الحكومة، لأستنتج من ذلك أن السبب الحقيقي في أزمة المرسومين هو افتقار الحكومة إلى رؤية استراتيجية وعجزها عن تحقيق الشروط الدنيا لتعليم جيد.

لماذا تصر الحكومة على المرسومين أصلا؟ ... لكي نجيب عن السؤال بشكل جدي، ينبغي أن نضع جانبا (ولو مؤقتا) كل النقاشات ذات الطابع القانوني المتعلقة بمتى وكيف أصدرت الحكومة مرسوميها، وما إذا كان الأساتذة المتدربون على علم بصدورهما أم لا. هذه نقاشات قانونية مهمة، ولكنها ليست جوهرية. فالدولة العقلانية هي الدولة التي يكون فيها القانون في خدمة المجتمع، لا العكس. السؤال العقلاني الذي تنبغي الإجابة عليه هو: كم من أستاذ نحتاج في السنة لتعويض الأساتذة المغادرين (بسبب التقاعد أو أسباب أخرى) ولسد الخصاص الموجود أصلا؟

مقياس دولي

نجد الجواب العلمي على هذا السؤال في وثيقة صدرت عن اليونيسكو في شهر أكتوبر من هذ السنة (2015) عنوانها "غاية التنمية المستدامة: لا يمكن للتعليم أن يتقدم بدون المزيد من الأساتذة". وضعت هذه الوثيقة الدولية هدفا وظيفيا يمثل الحد الأدنى لما ينبغي أن تحققه الدول إذا ما أرادت أن تحقق مطلب التنمية المستدامة في أفق 2030 (يشار الى هذا الرمز ب UPU التي معناها Universal Primary Education). وهذا الهدف الوظيفي هو: أن يستفيد كل تلميذ من 12 سنة من التعليم على الأقل في فصول دراسية لا يتجاوز عدد تلاميذها 40 تلميذا، وذلك في أفق سنة 2030. ولا يمكن بلوغ هذا الهدف، حسب الوثيقة، إلا إذا وظفنا المزيد من المدرسين المدربين انطلاقا من المراحل الأولى للتعليم.

وتوضح الوثيقة أن هناك اليوم 74 دولة تعاني من الخصاص في عدد أساتذة التعليم الأولي و59 مليونا من الأطفال مقصَوْن من التعليم، والملايين منهم يتعلمون في ظروف الإكتظاظ غير المناسبة. ولتحقيق أهداف 2030 للتنمية المستدامة، وضعت اليونيسكو إسقاطا دوليا (تقديرا إحصائيا دوليا) ينبغي بمقتضاه توظيف 10.9 مليون مدرس جديد، بحيث يتضمن هذا العدد خلق 2.2 مليون وظيفة جديدة، وتعويض 8.7 مدرس من المتوقع أن يغادروا وظائفهم. تجدر الإشارة أيضا إلى أن الدول الإفريقية هي التي تعاني أكثر من غيرها من تضخم الهوة بين هدف التنمية المستدامة لسنة 2030 وعدد المدرسين الموجود حاليا، إذ تقدر هذه الهوة بنسبة 63%.

حالة المغرب

حتى لا يقال بأن تحقيق غاية التنمية المستدامة UPE في التعليم مجرد أحلام بعيدة المنال، يستحب أن نذكر بأن هناك عددا من الدول النامية التي استطاعت أن تحقق زيادة سنوية في عدد المدرسين ينسجم مع هذا الهدف. من الأمثلة التي تمدنا بها وثيقة اليونيسكو (أكتوبر 2015): بروني، دار السلام، ڭواتيمالا، وفلسطين!

تخبرنا إحصائيات اليونيسكو بأن المغرب (الذي تفصله، للأسف، عن صحرائه) سيحتاج لتوظيف 77.6 ألف مدرس لبلوغ هدف UPE لسنة 2030. إذا أضفنا ثلث هذا العدد للصحراء المغربية سيكون العدد الذي سنحتاجه هو 103467. وإذا قسمنا هذا العدد على 14 سنة التي تفصلنا عن 2030 سيكون العدد هو 7390.5. إذا أضفنا رقما تقريبيا لعدد الأساتذة الذي تحتاجه المواد الجديدة كالإنجليزية والأمازيغية، فإن العدد الأدنى للمدرسين الذي سنحتاجه كل سنة هو 8000 (أي حوالي 12.93% من العدد المطلوب لسنة 2030). هذا هو عدد المدرسين الذي يحتاجه التعليم المغربي كل سنة في المستوى الأولي فقط .. وهو عدد كل الأساتذة في جميع المواد والمستويات الذي تحاول الحكومة أن تقلصه بمرسوميها المثيرين للجدل!

تبرر الحكومة مرسوميها برغبتها في التحكم في عدد الأساتذة المتخرجين سنويا. لكن سياسة التحكم هذه ستكون مجرد سياسة تقشفية غير اجتماعية وغير منسجمة مع المطلب التنموي UPE إذا لم تضع خطة مدعومة بالموارد اللازمة لتحقيق أهداف المطلب التنموي.

خلاصة

قد يحفز صانعي القرار في بلدنا ويثير بعض الغيرة في قلوبهم أن يعلموا بأن التقارير الدولية تخبرنا أن دولا إفريقية فقيرة مثل الموزمبيق ستحقق هدف التنمية المستدامة في التعليم UPE في أفق 2030 إذا ما استمرت في سياسة الزيادة في عدد الأساتذة التي نهجتها ( وهي نسبة 6% في حالتهم) ... لقد كنا نقود إفريقيا، ولكننا اليوم مضطرون، بسبب السياسات غير الحكيمة، للتعلم من أفقر دولها.



 
تحليل عقلاني لأزمة "المرسومين"
Ch.Marwen
Ch.Marwen
الادارة العليا
الادارة العليا

المتصفح : Google Chrome
الإقامة : Republic of Tunisia
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 25405
نقاط : 103330942
تقييم : 7859
تاريخ الميلاد : 14/01/1990
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
العمر : 34

http://www.arabwoorld.com
-----

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

  • ©phpBB | انشئ منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع