أسرار إصلاح الإنشاء في "النّوفيام"

مسألة اختيار ورقة و إصلاحها جماعيّا تعدّ إيجابيّة و تقرّب وجهات النّظر و
زوايا التّقييم بين مختلف المصلحين و تقلّص الفجوات بينهم و تذلّل ما قد
يباعد بين معايير التّقييم عند كلّ منهم . صحيح أنّ معايير الإصلاح متوفّرة
لدى كلّ زميل و لكنّ القراءة و المقاربة تختلف .. و هنا قد تجمع بيننا
نظريّات التّقييم و معاييره المعلنة و ننسى أنّ لكلّ أستاذ مقاييسه الخاصّة
في تنفيذ تلك المعايير و تجسيمها في واقع اختبار ينجزه التّلميذ .


التّمهيد النّظريّ الّذي يسبق المدخل السّرديّ و يمهّد له في المقدّمة
يمثّل مسألة خلافيّة هامّة ففي السّنة الماضية نصّ الإصلاح على أنّ هذا
التّمهيد يُقبَلُ من التّلميذ شرط حسن توظيفه و إتقان التّخلّص منه إلى
التّمهيد السّرديّ حتّى لا ينقلب إنتاج التّلميذ إلى مقدّمتيْن لا علاقة
بينهما أحيانا .. و في السّنة الّتي سبقتها جاء في الإصلاح أنّه يُقبل
التّمهيد ضمن المقدّمة ..فقط.. و هنا حريّ بنا أن نتساءل عن أهميّة هذا
الجزء في صنع تميّز التّلميذ و عن المكافأة الّتي قد يجنيها من ورائه ..
خصوصا و أنّ بعض التّلاميذ لم يتعوّدوا على هذه المرحلة ضمن المقدّمة كما
أنّ بعضهم جرت العادة لديه على ختم المقدّمة بسؤال على خلاف غيره .. و
جميعها جزئيّات تتطلّب ضبط أساس دقيق في الإصلاح أو بالأحرى في قراءة
الإصلاح و تطبيقه على أرض الواقع .


الإشارات السّرديّة أو ما يعرف بتلك الجمل الوصفيّة الّتي تسبق الحوار و
تصوّر انفعالات المتحاورين و ما يحيط بالحوار من ظروف ماديّة أو نفسيّة و
ما يسبقه من أحداث تعدّ من المسائل الجوهريّة الّتي لم نتعوّد الإشارة
إليها في وثيقة الإصلاح .. نقول هذا لأنّ هذه الجزئيّة في النصّ الحواريّ
الحجاجيّ تعدّ محوريّة و دالّة في تحديد تميّز التّلميذ و تحكّمه في أنماط
الكتابة من سرد و وصف لخدمة الحوار ضمن سياق حجاجيّ .


إنّ ما نجده في وثيقة الإصلاح يركّز أساسا على مجال الفهم فيعرض العناصر
الأساسيّة و ما ينضوي تحتها من أفكار فرعيّة قد يلامسها التّلميذ و يحوم في
مدارها إن كثيرا أو قليلا لتتحدّد درجة ارتباطه بالموضوع أو خروجه عليه و
ابتعاده عنه و قد تشير الوثيقة ذاتها أحيانا إلى أسلوب التّلميذ في عرض
الفكرة ضمن فقرة حجاجيّة تنطلق من الفكرة لتدعمها بالحجّة فالمثال منتهية
إلى استنتاج مع مراعاة الرّبط و الاتّساق بين هذه الفقرات الحجاجيّة .. و
لكن أثناء الإصلاح قد لا نلمس في التّلميذ ما لا طاقة له به أو ما يتطلّب
نضجا ذهنيّا لا يحظى به غير المتميّزين .. و عندها نكتفي بحضور القدر
الأدنى المطلوب من الارتباط بالموضوع و نغفل حتّى تنوّع الحجج و مرجعيّاتها
.. أليس هذا الاختبار مناظرة وطنيّة ..؟ إنّه ليس امتحانا –على حدّ علمي-
فحسب المثل الشّعبيّ " إلّي نجح نجح .. و إلّي عوّق عوّق .." قبل الدّخول
إلى قاعة الاختبار .. أليس هذا الاختبار مناظرة وطنيّة للالتحاق بالمعاهد
النّموذجيّة ؟ .. ما دام الأمر كذلك فلا بدّ لأن نقيّم مردود التّلميذ بكلّ
دقّة و ننسى الهامش المتّسع نسبيّا الّذي تعوّدنا أن نقيّم فيه تلاميذنا
العاديّين ضمن الاختبارات العاديّة أثناء السّنة الدّراسيّة العاديّة .. و
لا أحد ينكر هذا فخلال هذه الفترة تطلب بعض الإدارات من بعض الأساتذة
الزّيادة في أعداد بعض التّلاميذ من السّنوات التّاسعة خاصّة .. لا رغبة في
نجاحهم بقدر ما هو رغبة في التّخلّص من سوء سلوك بعضهم بإنجاحهم و جعلهم
يمرّون دون استحقاق إلى المعهد الثّانويّ ..أو تعاطفا مع إلحاح أوليائهم و
قد كنّا بالأمس ننفخ في أعدادهم و نزيّف نجاحهم خوفا من السيّد المعتمد و
الأخ المناضل كاتب عامّ لجنة التّنسيق و إثباتا لسياسة رجل التّغيير و صانع
التّحوّل المبارك .. في مجال التّربية حتّى إن كان بالتّزييف و الكذب حتّى
لا تنكشف عورة النّظام .. و اليوم .. ممّ نخاف ؟؟.. يجب أن يبدأ الإصلاح
... الآن ...حالا ....