"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال

تعلّم أن يكون مميّزاً منذ خطواته الأولى، وعلى الرغم من مولده الأميركي فقد نهل فنون الرفعة والألق من مدينته الحالمة "فلورنسا" مهد الفنّانين الخالدين، وعلى الرغم من ذلك فقد أراد القدر أن يسطو على موهبته بإجباره لأن يخضع إلى 3 امتحانات عسيرة، اكتسب منها أساليب الوقوف وقفة النّد أمام عناد الحظّ وأن يخلق من مكمن الضعف مولّداً للقوّة، لتُولد كنتاج لكلّ ما فات معجزة في ثوب الكمال.. اتّخذت من الأسماء "بيبيتو" أو جيوسيبي روسي.

نجم فيورنتينا الإيطالي وجلّاده الذي لا يعرف الرحمة، كان أحد أبرز النجوم في عام 2013، الذي نحن بصدد توديعه، كيف لا وهو الذي جاء من بعيد جدّاً بعد أن كان في ماضٍ ليس بالبعيد اسماً في حكم النسيان، حتى كادت الصحف تنسى هويته والمانشيتات تشتاق إلى عناوين إبداعاته.

اللعنة تذعن للعزيمة

"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال 2013122613515873734_20

من الصعب إيجاد تعريف للعنة لسبب بسيط كونها "لعنة" وسمتها الأساسية العناد والسطوة، بيد أنّ روسي اخترع تعريفاً لها مسلّحاً نفسه بعناوين العزيمة والإصرار على الاستمرار، إذ من الصعوبة بمكان أن يجد لاعب أعلى مدار التميّز وأن يعود إلى واجهة الأحداث من بابها الكبير بعد معاناة مريرة تخلّلتها 3 إصابات مقيتة وطويلة الأمد، وهو ما عاشه روسي.

بداية الشؤم كانت مع فياريال الإسباني، بتمزّق في مستوى أربطة الركبة اليمنى في تشرين الأول/أكتوبر 2011، هذه الإصابة جاءت في توقيت سيّئ للغاية للمهاجم القنّاص الذي كان أدّى قبلها 4 مواسم مميّزة مع فريق الغوّاصة الصفراء، ولم تتوقّف أحزان الفتى الإيطالي عند هذا الحدّ إذ مُني بإصابة ثانية في نيسان/أبريل 2012 عقّدت من مهمّته أكثر فأكثر ما عجّل برحيلة عن قلعة الـ"مادريغال" متوجّهاً إلى بلده الأم، حيث استقرّت سفينته في مرسى فلورنسا، اين وجد فيتشنزو مونتيلا الرجل الذي أعاد بحنكته، فطرة روسي للتوهّج مجدّداً.

ولإيجاد دليل دامغ على ما يكتنزه روسي من قوى ذهنية خوّلته العودة بالشاكلة التي عليها اليوم، لا يوجد أفضل من تصريح اللاعب ذاته في أبريل الماضي للصحافة المحلّية (عندما كان مُصاباً) حين قال: "لا أعرف متى أعود. أنا أفكّر فقط في التحدّيات اليومية التي تواجهني، كما أني أضع جميع الآمال على حدة. أتحلّى فقط بالواقعية والجدية في العمل لأعود مجدّداً".

رهان مونتيلا الرابح

"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال 20131226135039372734_20

عندما قرّر مدرّب الـ"فيولا" مونتيلا ضمّ روسي لتعزيز الصفوف الأمامية لفريقه، اعتبر العديد من الملاحظين وأوّلهم الصحافة الإيطالية أنّه قرار غير حكيم ويتّسم بالتسرّع وانعدام التعقّل لأن المهاجم الإيطالي ذا النشأة الأميركية، كان يعاني من إصابة مزمنة، كبّدته ثلاث عمليات جراحية في ركبته عينها، علاوة على مبلغ 11 مليون يورو لم يكن هيّن الدّفع على إدارة النادي، يتبع كلّ ذلك، أنّ قدومه إلى قلعة "أرتيميو فرانكي" لن يكون مقروناً بإضافة آنية لهجوم الفريق، فالإمكانية الوحيدة كانت جلب اللاعب مع التحلّي بالصبر دون ضمان العواقب وهو ما اعتبره الجميع وقتها هذياناً، لا سيما بعد 18 عاماً قضاها اللاعب بعيداً عن المستطيل الأخضر.

بيد أنّ رجل الدكّة وصاحب القرار رقم واحد في فيورنتينا، أصرّ على لعب ورقة رهان غير محسوبة، وفضّل المغامرة، بالشاب صاحب الـ26 ربيعاً، الذي وإن واجه بعض الصعوبات في البدابة إلاّ أنّه لاحقاً تمكّن من إيجاد فلك التميّز الذي يميّزه والذي أعاد به بالتالي صورة روسي المشعّة مع فياريال الذي وقّع فيها 54 هدفاً في 136 مباراة خاضها في 6 مواسم (2007-2013).

"الآزوري" ينادي...

"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال 20131226135053759734_20

مفتخراً بصدارة لهدّافي الكالتشيو قوامها 14 إصابة في 17 مشاركة حتى هذا النصف الأوّل من الموسم ومتقدّماً بثلاثة أهداف عن نجم يوفنتوس القادم من قلاع الـ"سيتيزنس"، كارلوس تيفيز، يمكن لروسي أن يفكّر منذ الآن، في المسؤولية الملقاة على عاتقه مع زملائه في المنتخب الإيطالي، حيث يعلّق عليه تشيزاري برانديلي آمالاً عريضة للذهاب بإيطاليا بعيداً في طموحاتها بالمونديال البرازيلي.

مع بالوتيلي سيكون روسي محطّ الأنظار، لتدعيم رصيده الدولي الذي توقّف عند 29 مباراة و7 أهداف، وإن كان يوجد فضل في وجود "بيبيتو" في واجهة الأحداث اليوم، فذلك يعود بالأساس لعزيمته الفولاذية، والطاقة الذهنية فوق العادية التي سمحت له في كلّ محنة بتجديد نفسيّته وابتداع الإيجابية داخلها، وهو ما يجعلنا نجزم – إذا ما كفّت عنه لعنة الإصابات- أن يكون في قائمة المهاجمين الأول الذين سيحتكرون عناوين الصحف في مونديال الصيف المقبل على أرض الكرة.

"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال

"بيبيتو" المجاهد.. ميلاد جديد لمعجزة في ثوب الكمال

روابط مفيدة