العالم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

 مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37	 Empty مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37

مُساهمة من طرف Ch.Marwen الثلاثاء 26 نوفمبر 2013, 21:28


[rtl]الفصل الأول[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]تزاحمت أربع رؤوس تريد النظر إلى شاشة الحاسوب، كانت صفحة السكايب مفتوحة و منى تضرب بأصابعها بخفة على لوحة المفاتيح و هي تطلب الهدوء من صديقاتها[/rtl]
[rtl]منى: انظرن الآن إلى ما سيحدث ههههه[/rtl]
[rtl]جحضت الأعين و هي تراقب الفتى النحيف الذي اقترب وجهه من عين الكاميرا حتى بدا أنفه مهولا يبتلع ملامحه كلها، قرأ الفتى ما كتبته منى ثم سبل عينيه في هيام و بدأ يغني:[/rtl]
[rtl]"أهواك و اتمنى لو أنساك أنسى روحي وياك"[/rtl]
[rtl]انطلقت قهقهة البنات في الغرفة حتى سالت دموعهن و إحداهن تحاكي حركة العزف على الكمان لتماشي النشاز المنبعث من الشاشة بينما الثانية تقلد حركات البيانو و الأخيرة تعزف على مزمار خيالي و ضحكاتهن الهستيرية تأبى الإنقطاع، أشارت منى بيديها تطلب الصمت من جديد و قالت محاكية مقدمات البرامج التافهة في جل القنوات الفضائيةو وضعت قبضتها أمام فمها محاكية المكروفون و قالت بصوت مدلل:[/rtl]
[rtl]منى: كانت هذه أول قطعة من برنامجكم ما يطلبه المشاهدون، ننتظر طلباتكم التي سنعمل على تحقيقها[/rtl]
[rtl]وضعت قبضتها أمام وجه إحدى صديقاتها التي تابعت اللعبة المرتجلة بسرعة و قالت[/rtl]
[rtl]إيمان: أريد أغنية شعبية راقصة[/rtl]
[rtl]منى: طلبات مشاهدينا أوامر[/rtl]
[rtl]انطلقت ضحكتها تعم الغرفة من جديد و هي تضرب على أزرار الحاسوب و عيون البنات تراقبها بضحكات مكتومة، قرأ الفتى ما كتبته له فقام من مكانه و بدأ يرقص كالإوز و يدندن لحنا شعبيا كاد يزهق أرواح البنات من الضحك.[/rtl]
[rtl]انفتح باب الغرفة فجأة فأخذت كل فتاة مجلسا لها أمام الحاسوب سريعا و غيرت منى الصفحة لتظهر خريطة شمال إفريقيا، دخلت والدتها إلى الغرفة و نظرت إلى الشاشة و خاطبت البنات:[/rtl]
[rtl]الأم: هل يستعصي عليكن شيء في الدراسة يا بنات؟[/rtl]
[rtl]كانت والدة منى في أواخر الثلاثين تعمل في المدرسة الثانوية التي يدرسن فيها كمدرسة لمادة اللغة الفرنسية، نظرت إليها الفتيات في براءة و هززن رؤوسهن نفيا و تكلمت إحداهن:[/rtl]
[rtl]أحلام: لا يا خالتي، الحاسوب يفي بالغرض ففيه كل ما قد نحتاج إليه[/rtl]
[rtl]ابتسمت والدة منى في اقتناع و نظرت إليهن في حنان:[/rtl]
[rtl]الأم: أحمد الله لأنكن مثابرات و مجتهدات، بارك الله فيكن يا بنات، هيا اتركن الدراسة الآن و اخرجن لتناول الشاي[/rtl]
[rtl]خرجت الأم من الغرفة و بدأت ضحكات البنات الخافتة تنتشر في الغرفة من جديد و عادت منى تظهر صفحة السكايب، و ظهر وجه الفتى المطيع الذي أغرق الصفحة بالرؤوس الصغيرة المبتسمة و بالقلوب الحمراء و الشفاه؛ نظرت منى إلى صديقاتها في خبث و قالت:[/rtl]
[rtl]منى: ما رأيكن في الإنتقال الآن إلى المرحلة الحاسمة؟؟[/rtl]
[rtl]ابتسمت أحلام و إيمان بينما ترددت هبة[/rtl]
[rtl]هبة: منى يكفي ما قمت به إلي الآن، اتركي الفتى و شأنه[/rtl]
[rtl]مني: انظرن من يتكلم، ألست أكثرنا استمتاعا؟ ألم تعزفي لنا المزمار منذ لحظات؟[/rtl]
[rtl]هبة: نعم ضحكت و تسليت لكن هذا لا يعني أن تتمادي، فمن يدرينا أن الفتى يملك المال؟[/rtl]
[rtl]منى: إذا كان لا يملكه فلا حاجة لنا به[/rtl]
[rtl]هزت منى كتفيها في استهتار و عادت تضرب أزرار حاسوبها في مهارة انتظرت رد فعل الفتى، بدا التردد على ملامحه في أول الأمر ثم ذابت عيناه في هيام من جديد و جاءت إجابته تقطع أي شك كان لديهن في حبه المجنون لمنى التي تعالت ضحكتها و هي تقرأ رده[/rtl]
[rtl]منى: أرأيت؟ إنه يملك المال، و سيبعث لي مبلغا لا بأس به غدا، لكن الأزمة هو الإسم، فأنا بالنسبة إلى هذا الأحمق "همس الليل" و لست أريد إعطاءه اسمي الحقيقي[/rtl]
[rtl]بدأت كل واحدة تفكر في حل لهذه المشكلة، عندما صرخت إيمان في انتصار:[/rtl]
[rtl]إمان : وجدتها، تريدين اسما و بطاقة قومية لشخص ما تتسلمين باسمه المال؟؟[/rtl]
[rtl]أومأت منى برأسها إيجابا فاستطردت إيمان تشرح لهم فكرتها التي جعلتهن يشهقن ذعرا...[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفصل الثاني
 
[/rtl]
[rtl]الشمس تجود على الشارع بدفعات متدفقة من النور، الجو رقيق يداعب الصبا في أعينهن العابثة، أربع فتيات، فلنستخدم الزوووم لنراهن بطريقة أفضل 
منى، أجرأهن و أجملهن، مغرورة تظن أنها مركز الكون و حولها تدور الكواكب، لها نمط غريب في لباسها تحاول به تقليد كل ما في عالم المانڭا، تنانير قصيرة و جوارب تصل إلى الركبتين و ضفيرتين طويلتين تضفيان على ملامحها براءة خيالية.
إيمان، ذكاء خارق و أفكار جهنمية، العقل المدبر، تقليدية الشكل جدا، لا تستغني عن حاسوبها النقال و نظاراتها الطبية المستديرة.
أحلام، رياضية القوام، هوايتها الرياضة، تمارس كل أنواع الرياضات المتاحة لها في وسطها الصغير، تعودت على زي رياضي يجعلها خفيفة و مستعدة للإشتباك في أي لحظة، شعرها قصير كالصبيان، لا تستغني عن الكاسكيت لأي سبب من الأسباب.
هبة، متوسطة الطول، هشة الفؤاد، مترددة في كل شيء، لا تستطيع الإعتماد على نفسها، تسيرالفتيات حياتها، لا يؤخذ برأيها، عاطفية و رومانسية إلى أقصي درجة لها جمال هادئ يدخل إلى القلوب دون استئذان.
أربع بنات، تركن حصة الفيزياء و خرجن في مهمة محددة، كن يمشين معا في صف واحد، يراقبن المارة، يغمزن بعضهن البعض كلما مررن قرب زوج من العشاق، وصلن إلى وكالة بريدية لتحويل الأموال، دخلت منى برفقة إيمان  و ظلت هبة و أحلام أمام باب الوكالة تنتظران، كان هناك صف صغير من الناس ينتظرون دورهم، تنهدت منى في ملل و قالت لإيمان
منى: هل نحن مضطرات للإنتظار؟
إيمان: اصبري منى
تأففت منى بحركة مدللة و قالت:
منى: لا يمكن أن نبقى هكذا، أنا أكره الإنتظار
نظرت إلى الطابور بملل ثم ما لبثت عيناها أن لمعتا بخبث و قالت 
منى: لن أنتظر، أموت لو بقيت ثانية واحدة في صف الإنتظار هذا
تقدمت منى إلى المقدمة حيث كان هناك شاب أمام الشباك يكمل إجراءاته و خلفه رجل في منتصف العمر ينتظر دوره، خاطبت منى الرجل الثاني بصوت رقيق
منى: سيدي هل تسمح لي أن أسبقك، المال الذي أنتظره تتوقف عليه روح والدي، علي شراء دواء نادر و إعطاءه إياه في أسرع وقت
كانت نظرتها تسحر العقول و صوتها يمزق نياط القلوب لفرط رقته و الألم الذي زرعته ببراعة بين ثناياه، نظر إليها الرجل مشفقا و أعطاها مكانه، غالبت منى ابتسامة منتصرة و أخرجت من محفظتها البطاقة القومية لأمها، شعرت بالتوتر من الإجراءات، هل سيقبل الموظف ببطاقة والدتها؟ 
جاء دورها فأعطت الموظف رقم الحوالة و بطاقة والدتها، نظر إلى البطاقة ثم قال لها
الموظف: آسف آنستي يجب ان تحضر المعنية بالأمر بنفسها لتسلم المبلغ
جرى الغضب بقوة في عروق منى لكنها كبحته و رسمت على ملامحها نظرة حزينة و ارتجفت شفتها السفلى
منى: أرجوك سيدي، امي لا تستطيع الحضور بنفسها فهي امرأة مقعدة و ليس لها سواي
و هنا تدخل الرجل الذي سمح لها بأخذ دوره و قد بلغ منه الحزن لحالها مبلغا كبيرا 
الرجل: أرجو أن تحكم هنا جانب الإنسانية فالفتاة على عجلة من أمرها و هذا المال تتوقف عليه حياة شخص مريض و إذا لم يصله الوقت المناسب يكن ذنبه في رقبتك
تأثر الموظف بكلام الرجل و بملامح منى البريئة فأنجز الإجراءات بسرعة و سجل بيانات والدتها في دفتر الوكالة ثم ناولها المبلغ المالي.
أخذت سلوى المال و وضعته في حقيبتها و نظرت إلى الموظف ثم إلى الرجل  بامتنان و دمعتين لامعتين تترقرقان في عينيها الواسعتين
منى: أنا شاكرة لكما، مازالت الدنيا بخير ما دام فيها أشخاص مثلكم
انسحبت منى بسرعة من أمامهم بسرعة لأنها كانت ستنفجر من الضحك لنظرتهما المتعاطفة.
كانت إيمان تجلس على أحد مقاعد الإنتظار، قامت بسرعة عندما رأت منى قادمة و خرجتا معا، ابتعدتا بصمت عن الوكالة فتبعتهما أحلام و هبة
أحلام: ماذا فعلت؟؟؟ هل مر الأمر بسلام؟؟؟
لم تجب منى و واصلت سيرها
هبة: ألا ترين ملامحها؟ لم تنجح في أخد المال هذا واضح
كانت منى تمشي بسرعة إلى أن استوقفتها يد أحلام القوية التي أمسكت ذراعها
أحلام: ما الأمر؟
نظرت منى إليهن بنظرة حزينة ذابلة ثم قالت بصوت خافت
منى: لن أخبركم شيئا قبل أن تمنحوني جائزة الأوسكار 
انطلقت منى هاربة من قبضة الفتيات اللواتي لحقن بها في الشارع و ضحكاتهن تكاد تصم الآذان.
 
[/rtl]
[rtl]الفصل الثالث
  
المنظر من هذا العلو رائع، المدينة الصاخبة تبدو وديعة تحت ضوء الشمس، كان فريق البنات قد أخذ مكانه في مقهى فاخر في أحد البنايات الزجاجية المليئة بالشركات الضخمة، كان المقهى يعج برجال الأعمال المنشغلين بأحاديثهم الجادة، وحدها مائدة الفتيات تعج بالضحك و النكت، كن قد قررن قضاء اليوم في التسكع.
لمحت منى مجموعة من الشباب تأخذ مكانا قرب الجدار الزجاجي الذي يطل على المدينة، يبدو عليهم النشاط و الأناقة، البدلات المكوية و ربطات العنق الفاخرة، فغرت منى فاها و هي تنظر إلى من يبدو رئيسهم ثم التفتت إلى صديقاتها قائلة
منى: سأفقد الوعي يا بنات، ففي المائدة المقابلة رأيت أجمل رجل على وجه الأرض.
انفجرت الفتيات ضحكا و هن يتلفتن إلى حيث يجلس الشباب الواحدة تلو الأخرى، كان صخبهم يلفت انتباه كل رواد المقهى، قامت منى من مكانها و غمزت البنات و قالت
منى: سأذهب إلى الحمام و أراهنكن أنه سيلحق بي و يحاول أن يتعرف إلي
أحلام: لا تكوني واثقة جداً منى فالرجل لم يرفع رأسه عن أوراقه منذ دخل، يبدو أنه اجتماع عمل و لا أظنه سيترك عمله ليلحق بك.
منى: سترين أحلام
تركت منى صديقاتها و تمشت ببطء في اتجاه الحمام، تلكأت عندما مرت قربه و تعمدت إسقاط هاتفها النقال و انحنت بالعرض البطيء لتأخذه و سمحت حركتها هذه للشباب بتأمل ساقيها العاريتين و قوامها الفتي الذي تفصح عنه تنورتها القصيرة، قامت منى و واصلت طريقها نحو الحمام.
تأملت وجهها في المرآة، ابتسمت لنفسها بفخر، إنها لم تقابل من هي أجمل منها أبدا، بدأت ترتب غرتها الناعمة و تصلح من هندامها، إنها واثقة بأنها ستجده أمامها عندما تخرج، قرصت خديها لتدفع بالدم إليهما، تنفست بعمق ثم خرجت، كانت خيبتها كبيرة جداً عندما لاحظت بأنه مازال منكفئا على أوراقه، عادت إلى مكانها و الغضب يحتل ملامحها البريئة، أخذت مكانها بين صديقاتها، دفعت أحلام بلسان كاسكيتها إلى اليمين و اقتربت بوجهها من منى و هي تقول بابتسامة خبيثة
أحلام: لقد رأيناه عندما جثى على ركبتيه طالبا ودك، لماذا رفضت منى؟
ضحكت الفتيات و أضافت إيمان
إيمان: لقد بكى المسكين قهرا عندما رفضت تقربه إليك هههههههه أشفق لحاله
نظرت إليهن منى بغضب ثم التفتت إلى هبة و قالت
منى: و أنت هبة؟؟ ألست تملكين تعقيبا؟؟؟
هبة: لا منى، تعرفين بأنني بعيدة كل البعد عن هذه الأشياء، أنا حقاً لا أفهم ما يجري و لا أفهم كيف تقول إيمان و أحلام بأنه جثى على ركبتيه و بكى و هو لم يفارق قط مكانه؟؟؟!!
ضحكت الفتيات حتى دمعت أعينهن، كانت سذاجة هبة مادة دسمة للتفكه و التسلية.
عادت منى للنظر إلى الرجل الوسيم و هي مغتاظة للامبالاته، لماذا لا ينظر إليها، يكفيها أن تلتقط عينيه في نظرة واحدة لتجعله يقع في هوة الإفتتان بها لكنه أبدا لا يرفع رأسه عن أوراقه، ماذا يا ترى في هذه الأوراق يجعله عازفا عن كل ما يحيط به إلى هذه الدرجة.
لم ترد منى شيئا في حياتها بقدر ما أرادت أن يلتفت إليها هذا الرجل، اختلطت عليها مشاعرها فلم تعد تدري إن كانت تريده لترضي غرورها أو لتسكت سخرية صديقاتها اللاذعة أو لتسكت هذا الخفقان الرهيب في قلبها.
وصلها صوت أحلام و هي توقظها من أحلامها
أحلام: منى، أين شردت؟ انسي أمره لأن مثله له نوع خاص من النساء 
عقدت منى حاجبيها في غضب و نظرت إلى صديقتها بنظرات نارية كادت تحرق المكان بما فيه
منى: ماذا تعنين؟؟؟؟ لن يجد من هي أجمل مني و لو بحث عنها بالمجهر الإلكتروني، عن أي نوع تتحدثين؟ ثم ماذا تعرفين أنت عن أمثاله و أنت كل طموحك أن يحبك ابن بقال الحي.
صعقت أحلام من كلام صديقتها الجارح و ردت على منى بالهدوء الذي يسبق العاصفة
أحلام: إذا أصبحت تعيرينني بحبي لسليم؟؟ لكن ما لا تعلمينه أنني لا أستغرب ما تقولينه فأنت لا تفرقين بين السوبرماركت و محل البقالة فكيف أنتظر منك التمدن؟
وقفت منى و هي تشد قبضتيها في غيض و تدخلت إيمان و هبة لإصلاح الوضع قبل أن تصل الفتاتان إلى مرحلة الإشتباك بالأيدي خاصة أنهما عنيدتين و لا تتنازلان.
عادت منى للجلوس و هي نادمة لوصولها إلى هذه الدرجة في الكلام مع أحلام لكنها لم تكن على استعداد للإعتذار.
منى: ما رأيكن بأكواب ضخمة من أغلى و أفخر أنواع الآيس كريم؟
كانت تعرف أن أحلام تعشق الآيس كريم و كانت هذه طريقتها في الإعتذار، وافقت الفتيات بفرح لهذا الإقتراح الجليدي
كن يتمتعن بالنكهات المختلفة عندما جاء النادل  وقف النادل أمامهن، أرادت منى إخراج المال من حقيبتها لتدفع لكن النادل قاطع حركتها عندما قال 
النادل: الحساب مدفوع آنستي
ثم أشار إلى الرجل المتوجه نحو الباب، كان الفارس الذي سلب منى لبها هو من دفع حسابهن، ابتسمت منى و أشرقت ملامحها بانتصار و هي تنظر بفخر منقطع النظير إلى صديقاتها.
ابتسم الرجل لهن و غادر المقهى بينما استطرد النادل و هو يمسك بيده بطاقة من التي يستعملها رجال الاعمال في التعريف بأنفسهم، مدت منى يدها لتأخذ البطاقة لكن النادل تجاهل يدها الممدودة و دس البطاقة بين يدي هبة و هو يقول لها أمام دهشة الفتيات العارمة
النادل: السيد كمال أراد أن يكلمك لكنه لم يرد إحراجك في مكان عام يتمنى أن تتكرمي عليه باتصال أو رسالة إلكترونية، ستجدين كل عناوينه هنا.
 
[/rtl]
[rtl]الفصل الرابع

افترقت منى عن صديقاتها و هي تحس باختناق كبير، تفادت إيمان و أحلام التعليق على ما حصل في المقهى مراعاة لمشاعرها و هذا زادها حنقا و بعثر ثورة عارمة في روحها فتظاهرت بالألم و اعتذرت منهن لأن صداعا رهيبا يفتك برأسها كما قالت :)
كانت هبة في عالم آخر، لم تفهم حرفا مما يجري و بدت مبهورة و سعيدة أن رجلا اهتم بها و تمنى معرفتها بل و راعى لمنظرها أمام الناس فلم يرد أن يكلمها في مكان عام ليجنبها الإحراج، سعادة هبة كانت المصدر الرئيسي لتعب منى و ضيق صدرها.
كانت منى تمشي في الشارع و روح غاضبة مجنونة تغلي بداخلها، يجب أن تفعل شيئا لتريح نفسها لأنها لا تستطيع الذهاب إلى المنزل و هذا الغضب يأكل من هدوءها و يحيل السلام النفسي إلى ضرب من الخيال.
كانت تمشي غارقة في أفكارها عندما لمحت سلمى و وليد جيرانها، زوجين شابين، لمحاها فنادتها سلمى
سلمى: منى، كيف حالك؟
منى: الحمد لله
سلمى: ذاهبة إلى البيت؟
أومأت منى برأسها إيجابا
ابتسمت سلمى في رقة و تأبطت ذراع منى قائلة
سلمى: إذا نقلك معنا
جرت سلمى منى إلى حيث تقف سيارة زوجها و فتحت لها الباب الخلفي بينما جلست هي إلى جانب مقعد السائق، كان زوج سلمى قد توقف أمام محل فاكهة،لم يتأخر وليد، إذ رأته منى يمشي في اتجاه السيارة و يده محملة بالأكياس، كان وسيما بحق، فكرت منى بأن سلمى عادية جدا و لا تستحق رجلا مثله، ترى ما الذي يجذبه إليها؟
[/rtl]
[rtl]يجذبه إليها نفس ما جذب رجل المقهى الوسيم إلى هبة.
أخذ وليد مكانه أمام عجلة القيادة وتحركت السيارة تشق طريقها بين سيل السيارات الذي يملأ شوارع المدينة، كانت منى تنظر إلى وليد عبر مرآة السيارة الأمامية، ظلت تنتظر بصبر أن تلتقي بعينيه عبر المرآة لكنه كان منشغلا، رفعت نفسها لترى ما يشغله فلاحظت أنه يسوق بيد واحدة بينما يده الأخرى ترتاح في رقة على بطن زوجته التي ارتسمت ابتسامة ملائكية على ملامحها و غطت يده بكلتا يديها و هي تتنهد و تغمض عينيها.
عادت منى للغوص في المقعد الخلفي و قد تضاعف غضبها، إنها تكره أمثال سلمى و هبة، حظهن من السماء، كيف يحصلن على كل هذا الحب دون أدنى مجهود؟؟؟؟؟
توقفت السيارة أمام العمارة التي تسكنها منى و والدتها، ترجلت و راقبت بصمت كيف نزل وليد جريا ليفتح الباب لزوجته و يساعدها على النزول من السيارة برفق كما لو كانت امرأة من زجاج.
بان الإمتعاض على ملامحها و هي تراقب سيل الحب المتدفق بين الزوجين، هذا ما كان ينقصها، في البدأ كانت هبة و الآن هاذان الإثنان.
تقدمت منى إليهما بعد أن رسمت ابتسامة جميلة على وجهها
منى: شكرا على التوصيلة
وليد: آنسة منى، من فضلك، رافقي سلمى إلى البيت، إنها تخاف المصعد و أنا أخاف أن تشعر بالدوار على السلالم، سأركن السيارة بسرعة و أعود.
كتمت منى غيضها، ما كل هذه الميوعة، دارت إحساسها و أجابته برقة
منى: كن مطمئنا سأهتم بها
رافقت منى سلمى و هي تمشي برقة على السلالم
سلمى: آسفة لإزعاجك منى
سكتت سلمى لبرهة ثم أضافت بخجل
سلمى: نحن ننتظر مولودا و وليد يخاف علي
تنهدت منى و لسان حالها يقول "اللهم طولك يا روح"، وصلتا إلى الطابق الثاني، كانت شقتاهما متلاصقتين، أصرت سلمى أن تدخل منى لتشرب عصيرا ينعشها، ولجتا إلى الشقة النظيفة التي تفوح منها رائحة معطر الجو المنعشة، وضعت سلمى حقيبتها و هاتفين نقالين على مائدة غرفة الجلوس و ذهبت إلى المطبخ لتحضر العصير لمنى التي كانت تنظر إلى الهاتفين و بذرة فكرة جهنمية تنمو في عقلها، كانت تعرف هاتف سلمى تركته و أخذت الهاتف الآخر،لا بد أنه هاتف وليد، إنها واثقة من ذلك، بدأت تضغط أزراره بسرعة، ثم أعادته إلى المنضدة قبل أن تدخل سلمى بصينية عليها كوب عصير بارد.
شربت منى العصير بسرعة ثم استئذنت من سلمى و خرجت متجهة إلى شقتها، دخلت مباشرة إلى غرفتها، جلست على سريرها و عادت إليها ذكريات هذا اليوم الحافل بدء ا بسرقتها لبطاقة والدتها و مرورا بوسيم المجمع الإقتصادي و انتهاء بسلمى الغبية و زوجها، أحست بأنها مظلومة و ضعيفة و لا حظ لها في هذه الدنيا، كان هذا الإحساس يرافقها دوما، لم تشعر أبدا بالرضا و لطالما تساءلت كيف يعيش كل هؤلاء الناس و من أين يأتون بالرضا؟؟
تدفقت دموعها غزيرة، مشاعر شتى تلتهم أعصابها، لا تعرف لماذا تنهمر دموعها، كل ما تعرفه هو أنها مخلوقة تعيسة، و تعاستها لا يجب أن تبقى حبيسة حياتها بل يجب أن تعم على حياة كل من تعرف و لم لا من لا تعرف أيضا؟؟؟؟
[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفصل الخامس

 دخلت كريمة الى غرفة ابنتها منى، فوجدتها تغط في النوم، نظرت إليها بحنان و قبلت جبينها، انها تحمد الله أن ابنتها عاقلة و رزينة  فعندما تسمع ما يحدث مع صديقاتها و بناتهن تشعر بالرعب، هذه المرحلة من العمر حساسة جداً و تحتاج الى الرعاية المكثفة، لكن ابنتها برهنت على انها استثناء، لم تخلق لها اي مشكل من اي نوع ساذجة و بريئة و فوق كل ذلك متفوقة في دراستها، ان لسانها لا يتوقف عن الحمد و الشكر لأنها رزقت بابنة مثل منى.
فتحت منى عينيها فرأت والدتها تتطلع إليها بحنان 
منى: ما الامر ماما؟؟؟
كريمة: لا شيء، هيا استيقظي، لا تنامي دون عشاء لقد حضرت أقراص البيتزا التي تحبينها 
ابتسمت منى لوالدتها و قالت
منى: مممم ذكر البيتزا جعلني أشعر بالجوع هيا بنا
قفزت منى من سريرها و ذهبت الى غرفة الطعام، كانت المائدة جاهزة عليها أقراص البيتزا الشهية و مشروبها الغازي المفضل، أخذت مكانها على المائدة و بدأت تتناول عشاءها بشهية، جلست والدتها إلى جانبها و هي لا تتوقف عن النظر إليها بفخر.
كانت هناك فكرة تداعب منى فنظرت إلى والدتها الطيبة و قالت لها و فمها مليء بالطعام
منى: ماما هل تعلمين بان سلمى جارتنا حامل؟؟؟
ابتسمت كريمة و قالت 
كريمة: طبعا اعرف
منى: لم لا نناديها لتأكل معنا فرائحة أكلك الشهية ماما ستكون حتما وصلت إليها
تنهدت كريمة بفرح و هي تنظر إلى ابنتها الطيبة
كريمة: طبعا، فكرة جيدة منى، ابقي هنا سأذهب لأحضرها
ابتسمت منى و ذهبت لتحضر هاتفها النقال داعبت أزراره في سرعة ثم وضعته بجانبها على المائدة و عادت لتناول الطعام بشهية منقطعة النظير، زادت ابتسامتها اتساعا عندما لمحت والدتها تدخل الغرفة برفقة سلمى التي أغمضت عينيها و هي تستنشق رائحة الأكل الطيبة
سلمى: مممم تبدو شهية
كانوا يأكلون في جو من المرح عندما رن هاتف منى رنة تدل على وصول رسالة، أخذت هاتفها و نظرت إليه ثم رسمت تعبيرا باكيا على وجهها و قالت بصوت متهدج
منى: أوه لم أعد أستطيع الإحتمال من هذا الذي يتلاعب بي؟ 
جرت كريمة لتحيط كتفي ابنتها بذراعها في رعب
كريمة: منى، ابنتي ماذا بك؟؟؟ تكلمي
أشارت سلمى إلى هاتف منى و هي تقول
سلمى: إنها الرسالة التي وصلتها الآن
أومأت منى برأسها إيجابا و قالت بصوتها الباكي
منى: هناك شخص ما يتحرش بي عن طريق الرسائل، لقد صبرت كثيرا لكنني اليوم لم أعد أقوى على الإحتمال، انظري ماما انظري سلمى ماذا كتب لي
أخذت هاتفها لتريهما الرسالة، نظرت سلمى و كريمة إلى الرسالة ثم شهقتا رعبا عندما قرأتا الغزل الفاحش و الكلام الجريء
كريمة: من هذا الحيوان الذي سمح لنفسه بقول مثل هذا الكلام لطفلة؟؟ هذا المجرم سيفتح أعين ابنتي على عالم متسخ لطالما حاولت إبعادها عنه
أرادت كريمة أخذ الهاتف لكن يد منى سبقتها إليه بعفوية، لن تسمح لهما باكتشاف ساعة وصول الرسالة التي بعثتها بنفسها إلى هاتفها من هاتف وليد.
بدأت منى تضرب أزرار هاتفها بسرعة و أخرجت الرقم و صرخت بصوتها المتهدج
منى: هذا رقمه، اتصلي به ماما ارجوك كلميه لست اريد ان تصلني أية رسائل كهذه مجددا
كانت كريمة تحبس دموعها فهي لا تريد أن تفضح ضعفها أمام ابنتها، بدأت تبحث عن هاتفها لتتصل بهذا الرقم و تعلم صاحبه الأدب، لكنها لم تجد هاتفها في أي مكان فاتجهت بخطى ثائرة إلى الهاتف الثابت فقط لتكتشف أن لا حرارة فيه فتدخلت سلمى و قد أخفقت لحال الأم التي تحاول يائسة إخفاء دمعها و حال البنت التي صدمت لما في الرسالة من كلام لم يسبق لها التعامل مع مثله، فأخرجت هاتفها من جيبها و طلبت من منى أن تعطيها الرقم، أدخلت كود الإخفاء بسرعة و بدأت تضرب أزرار الهاتف و شهقت عند آخر رقمين، مستحيل، احتبس الكلام في حلقها و تجمدت الدماء في عروقها و تحولت الدنيا بأسرها في عينيها إلى أرقام متناثرة تدور حولها.
كانت منى تراقب تعابير وجه سلمى في استمتاع سادي بينما كريمة تنتظر أن تتصل سلمى بالرقم، طال صمت هذه الأخيرة و غشي الدمع أعينها فوضعت كريمة يدها على كتفها 
كريمة: ما الامر سلمى؟!؟؟؟
أعتصرت سلمى هاتفها في قبضتها الصغيرة و قالت بارتباك 
سلمى: لا شيء...تذكرت بأنه لا رصيد في هاتفي، اعذرني أشعر ببعض الدوار يجب أن أذهب
تحركت سلمى نحو الباب و هي تتعثر في خطاها بينما جلست كريمة منهارة على أقرب كرسي تتهانف بعد أن أطلقت لدموعها العنان بينما اعتلت ابتسامة قبيحة ملامح منى التي - و ياللغرابة - لم تشفق لحال أي من المرأتين الطيبتين
 
[/rtl]
[rtl]الفصل السادس

 دخلت منى إلى غرفتها و ارتمت على سريرها و هي تسمح لأكثر ابتساماتها بشاعة بالصعود للسطح، إنها تحس بالراحة لأن سلمى تعرفت على رقم زوجها و كم تمنت أن تكون حاضرة الآن في شقتها لترى كيف ستضرم سلمى النار بيديها في عشها الهادئ.
نفضت هذه الأفكار عن رأسها و دست يدها تحت وسادتها لتخرج هاتف والدتها ثم خرجت إلى غرفة الطعام لتجد بأن أمها ماتزال تنتحب  وقد غطت وجهها بكفيها.
وضعت منى يدها على كتف والدتها التي رفعت وجهها المحمر من أثر البكاء ثم سارعت لمسح دموعها بيديها الإثنتين و وقفت لتواجه ابنتها بتصميم
كريمة: أعطني رقم ذلك الحقير منى و لا تخافي أي شيء حبيبتي والدتك لن تترك أي شخص يلمس شعرة من أمانك.
احتضنت كريمة ابنتها قبل تنهي كلماتها و كان وجه منى على كتف أمها ملولا و ممتعضا.
حررت منى نفسها من حضن أمها و مدت إليها بهاتفها قائلة
منى: هذا هاتفك أمي كان فوق الكومود و توقفي أمي عن البكاء ساعديني على النسيان بتماسكك
أخذت كريمة هاتفها و بادرت منى
كريمة: أعطني رقمه
منى: لقد مسحته في غمرة الإرتباك
تنهدت كريمة بعمق ثم أخذت ابنتها من يدها لتوصلها إلى غرفة نومها، وضعتها في سريرها و بدأت تمسح على شعرها في حنان و قالت بصوت كله تصميم:
كريمة: سأفعل غداً ما يجب حبيبتي، سأغير لك هذا الرقم و لن تصلك أي يد بالشر ما دمت حية.
أغمضت منى عينيها متظاهرة بالنوم لتتخلص من سيل الحنان المضحك هذا، لطالما استغربت منى لشخصية والدتها الخنوعة و المسالمة، كيف لامرأة في السابعة و الثلاثين أن تكون بهذه السذاجة، والدها توفي عندما كانت منى في السادسة من عمرها و أخذت والدتها على عاتقها تربيتها و ضمان العيش الكريم لها، حرمت نفسها من الحب و من تجربة الزواج مرة ثانية لكي لا تجعلها تعاني من معاملة قد لا تكون عادلة لزوج الأم،
ضحكت منى بصوت عال و قالت لنفسها بصوت مسموع "آه يا كريمة كم أنت ساذجة، هل تعتقدين أنه على وجه هذه الأرض كلها هناك من يستطيع إيذائي هههههه لو تزوجت لعاش الرجل المسكين في جحيم"
قفزت منى سريرها و جلست أمام الحاسوب إنها تستحق بعض التسلية لإنجازها الرائع، لا بد أن والدتها المسكينة تغط في النوم.
انغمست منى في عالم الأنترنت الإفتراضي تعيش أدوارا مختلفة بأسماء مختلفة بينما الفتى المسكين، عاشق السكايب لا يتوقف عن إرسال القلوب النابضة و الوجوه الصغيرة الباكية ثم القلوب المكسورة دون أن يلقى منها أي جواب.
استيقظت منى على هزات يد والدتها الحنونة ففتحت عينيها بصعوبة
كريمة: هيا حبيبتي لأقلك معي إلى الثانوية
تقلبت منى في فراشها بكسل و مضغت كلمات غير مفهومة قبل أن تعود إلى النوم، عادت كريمة لإيقاظها و هي تحسدها على راحة بالها بينما هي أمضت ليلتها تبكي و تتقلب في فراشها هلعا مما يمكن أن تتعرض له ابنتها من ذلك الشخص الذي يتربص بها.
فتحت منى عينيها و قالت لوالدتها في كسل
منى: اذهبي أمي، سأستقل الحافلة ككل زميلاتي
كريمة: أبدا، تعودي من اليوم على مرافقتي لك ذهابا و إيابا فهكذا حبيبتي أضمن أنه لن يصيبك مكروه.
صرت منى على أسنانها في غيظ، ما هذه الورطة؟ 
قامت من فراشها تجر أقدامها جرا و هي تفكر في حل لهذه المشكلة، دخلت إلى الحمام و خاطبت انعكاسها في المرآة "ماذا ستفعلين الآن يا منى؟؟؟" ظلت تنظر إلى نفسها ثم هزت كتفها في لامبالاة و هي تفكر بأنها ستجد حلا عاجلا أو آجلا.
لبست منى تنورة قصيرة كعادتها و قميص ابيض ضيق فبدت فعلا كإحدى شخصيات المانكا الصارخة جمالا و صففت شعرها في ضفيرتين ثم خرجت لتتناول إفطارها، كانت والدتها تقف قرب المائدة و قد ارتدت ثيابهاوحملت حقيبتها، نظرت إلى منى نظرة متفحصة ثم تناولت ثوبا حريريا و مدته إلى منى التي نظرت إليه بحيرة:
منى: ما هذا؟؟؟
رمقتها كريمة بنظرة صارمة و قالت بحزم لا يحتمل النقاش
كريمة: هذا حجاب، سترتدينه من اليوم فصاعدا.
[/rtl]

[rtl]
الفصل السابع
[/rtl]

[rtl]
في ساحة الثانوية الواسعة كانت هبة تحتضن  كتبها بيد بينما تداعب خصلة من شعرها الأحمر في شرود، قطعت عليها شرودها أحلام عندما قالت:
أحلام: إيه، أين سرحت يا سندرللا، ألن تحك لي ما حدث؟ هل كلمته؟ كتبت له رسالة على بريده أم أضفته إلى المسنجر؟
هبة: لا شيء من كل هذا، لم أفعل شيئا، ماذا أقول له؟ أنا فتاة المقهى؟ ماذا سيظن بي؟
رفعت أحلام حاجبها الأيسر و قالت بلهجة شبه ساخرة:
أحلام: مممم، أصبح لك عقل يفكر يا هبة!
تجاهلت هبة العبارة و عادت إلى شرودها من جديد.
تنهدت أحلام و هي تهز رأسها يمينا و شمالا، و قالت في ملل:
أحلام: أنت مملة هبة، يجب أن نعطيك بعض الدروس التي سوف...
قطعت أحلام جملتها عندما رأت إيمان تتجه نحوهما:
إيمان: سلام، كيف حالكما؟؟ أين منى؟؟
أحلام: لم تصل بعد، الحصة الأولى ستبدأ الآن.
بدأت الساحة تفرغ من الطلاب و أتجه كل واحد إلى فصله، تحركت كل من أحلام، إيمان و هبة إلى قاعة الدرس، لا أثر لمنى، أخذت كل واحدة مكانها و هن يتهامسن عما يمكن أن يكون قد أصاب منى، ربما هي مريضة، و بينما كن يتبادلن الهمسات دخلت فتاة ترتدي تنورة طويلة سوداء  تلمس الارض و قميص أبيض و تضع على رأسها حجابا يمزج بين اللونين الأبيض و الأسود، تحتضن كتبها و تمشي ناظرة للأرض، تقدمت منهن و جلست بالمقعد الفارغ قرب هبة، كانت أحلام و إيمان تجلسان خلف هبة مباشرة، نظرتا إليها بفضول فرفعت رأسها لتنظر إليهن بابتسامتها المعهودة و قالت:
منى: ماذا بكن؟ أصبتن بالبله المنغولي أخيرا؟؟؟
إيمان: منى ما هذا التغيير الجذري؟؟؟
أحلام: هذه صدمة العمر ماذا حدث؟؟
هبة: منظرك رائع، الآن فهمت لماذا يقولون بأن وجه الفتاة يضيء عندما ترتدي الحجاب، شجعيني لأفعل مثلك منى.
ضحكت منى ضحكتها المعتادة  ثم قلصت وجهها و هي تقلد صوت هبة:
منى: شجعيني لأفعل مثلك منى
نظرت إلى إيمان و أحلام نظرة ساخرة و قالت لهن و هي تشير بسبابتها إلى هبة 
منى: أرجو كما أبعداها عني لأنني سأرتكب فيها جريمة
ضحكت إيمان و أحلام و قد عرفتا بأن منى لم تتغير و إن تغير زيها
أحلام: و لماذا هذه الحلة الجديدة منى؟
أجابت منى بنفاذ صبر:
منى: هذه نزوة من نزوات الحنان و الخوف أصابت كريمة هذا الصباح، اضطررت للتظاهر بأنني سعيدة و بأن هذا حلمي منذ زمن، أنتن تعرفن بأنني لا أريد الخروج من حلة الفتاة المثالية، لكن هذا لن يدوم، سأجد حلا، صمتت الفتيات عندما دخل المدرس القاعة.
أستاذ لطفي، في الخامسة و الأربعين، أشيب الفودين، فارع الطول، له لكنة محببة في لغته العربية إذ أنه قضى طفولته و أيام دراسته في الخارج، و لم يكن يحيط ببنصره ذلك القيد المعدني القبيح.
تبدأ التنهدات و الغمزات و التعليقات عندما يبدأ حصته، لكنه كان صارما لا يحتمل ميوعة المراهقات فيتعامل معها بقسوة و يجهض كل تقرب مريب في رحم صاحبته.
مرت الحصة سريعة جداً أو هكذا أحست الطالبات، خرج الأستاذ لطفي من قاعة الدرس و أنفه للسماء كعادته، فساد الضجيج في القاعة و استدارت منى إلى أحلام و إيمان قائلة:
منى: من أين يأتي مثل هؤلاء الرجال؟؟؟ لو كان عندي مثله لصلبته و وضعته في صندوق زجاجي، تحفة، هذا ما هو عليه
تعالت قهقهة البنات و قالت إيمان و هي تغالب ضحكة مجنونة:
إيمان: من حسن الحظ أنك لا تملكين واحدا
ابتلعت منى هذه العبارة التي أصابتها في مقتل و حاولت أن لا تظهر أي تأثر و قالت في تعال:
منى: أراهنكن على أن الأستاذ لطفي سيقع في ظرف شهر واحد
إيمان: أنا أراهنك على كل التنانير القصيرة التي لن تلبسيها مجددا، في ظرف شهر واحد إن لم يعطك الأستاذ موعدا أحضريها إلي هههه.
أحلام: و أنا أريد الفساتين، لن تحتاجيها، أريدها كلها هههه.
التفتت الفتيات إلى هبة التي كانت تداعب خصلة من شعرها الأحمر كعادتها و هي سارحة في ملكوت آخر
منى: و أنت؟؟؟ ماذا تريدين؟؟
نظرت هبة إليهن في عدم فهم ثم قالت بصوت متردد:
هبة: هل أضيفه إلى المسنجر أو لا؟؟؟
انفجرت الفتيات ضاحكات عندما وصلتهن عبارة واضحة و مباشرة "رابعة العدوية تطلق النكت، ألست تعرفين أن النكت حرام؟" التفتن إلى مصدر الصوت فرأين فريقا من البنات يراقبهن في سخرية و هن يتغامزن على مظهر منى الجديد.
نظرت أحلام إلى منى نظرة ذات معنى، ثم التفتتا معا إلى إيمان التي أزالت نظاراتها الطبية و وضعتها في محفظتها، قفزت أحلام فوق الطاولة و واصلت القفز من طاولة لأخرى حتى وصلت إلى الفتاة التى ألقت الجملة فانقضت عليها تجرها من شعرها و قد انفض مجلسها و انسحبت كل البنات من حولها خوفا من بطش أحلام، إيمان كانت تحمل كتابا ثقيلا نزلت به على رأس واحدة من مرافقات صاحبة الجملة النارية التي أشعلت الجو، هبة اندست تحت طاولة منعزلة و هي تغطي رأسها بذراعيها أما منى فقد صعدت فوق إحدى الطاولات و رفعت تنورتها لتكشف عن ساقيها و ركبتيها و قد بدا منظرها غريبا مع الحجاب، رفعت قدمها تنوي غرسها في بطن إحدى البنات عندما جلجل صوت جهوري في القاعة "ما هذه الحرب الشعواء؟!؟؟!!؟"
تجمدت الفتيات كل واحدة في وضع مختلف و هن ينظرن إلى الأستاذ لطفي الذي يتطاير الشرر من عينيه.
جلس الأستاذ لطفي على مكتبه و قد مثل أمامه صف من البنات، ثلاث فتيات على اليمين أولاهن منفوشة الشعر تشي بما مارسته عليها أحلام من رياضة، الثانية كانت تمسك رأسها متألمة و تعبير بائس يعتلي ملامحها بينما كانت الثالثة تمسك خدها الذي يبدو أنه تلقى العديد من الصفعات.
في الجانب الأيسر كانت تقف أحلام مقطبة حاجبيها و عاقدة ذراعيها على صدرها بجانبها إيمان و قد رفعت حاجبها الأيسر في تحد، منى كانت تقف و هي ما تزال ترفع تنورتها بيديها معا لتفصح عن ساقين بديعتين و قدمين صغيرتين تستكينان في حذاء أسود لامع، في آخر الصف كانت هبة تبكي بصمت.
أنهى الأستاذ تفحصه الصارم في وجوه البنات و قال بصوت واضح النبرات:
لطفي: ستحلن جميعكن إلى المجلس التأديبي، الضارب و المضروب.
بدأت البنات بالتوسل و طلب السماح، وحدها منى ظلت بنفس الوضع و تنورتها مرفوعة
أشار الأستاذ إليهن بصرامة ليصمتن ثم قال:
لطفي: حسنا، سأعتبر أنني لم أر شيئا و إذا تكرر الأمر أيتها القطط الضالة فتأكدن أن عقابي لكن ستحكي عنه الأساطير الإغريقية، هيا انصرفن الآن.
كانت كل البنات تنظرن إلى الأرض في خجل مما صنعن إلا منى، وحدها كانت تنظر إليه في وقاحة تحاول أن توصل إليه رسالة ما، تحرك جمع البنات نحو الباب و هن يتنفسن الصعداء، اتجهت منى معهن نحو الباب عندما سمعت صوت الأستاذ يأمرها بالإنتظار قائلا:
لطفي: انتظري أنت يا ذات الخمار
وقفت منى و ظهرها إليه، اعتلت ملامحها نظرة واثقة، يبدو أن الأستاذ سيقع بأسرع مما تتصور، استدارت منى عائدة إلى حيث كانت تقف أمام مكتب الأستاذ بينما خرجت كل البنات و ظلت وحدها معه.
نهض لطفي تاركا مكتبه، و وقف أمامها مباشرة ثم رفع كفه إلى السماء ليهوي بها على خدها الأيمن و قال بصوت جمد الدم في عروقها:
لطفي: هذه لأنك لم تحترمي حجابك 
انصدمت منى أكبر صدمة في حياتها و هي المدللة التي لم يرفع شخص في الدنيا كلها يده عليها، ظلت تنظر إليه في مزيج من الدهشة و الصدمة و الألم و الإهانة.
عاد لطفي يرفع يده مرة ثانية ليهوي بصفعة ثانية على خد منى، ثم قال:
لطفي: و هذه كي تتعلمي أن تنظري إلى الأرض عندما أكلمك.
[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الفصل الثامن
 
كانت منى تمشي كما تمشي الأشباح، مذهولة، تنظر إلى الأشياء و لا تراها، استقبلتها الفتيات و كلهن شوق لمعرفة ما حدث فأحطن بها إحاطة السوار بالمعصم و أسئلتهن تهطل عليها في غزارة، أشارت لهن بالسكوت و اتكأت على أقرب جدار و أغمضت عينيها و كلمة واحدة تتردد في ذهنها "لن ابكِ"
أحلام: منى، ماذا بك؟ انزلي من فوق السحاب و احك لنا ما حصل
إيمان: الدم يكاد ينفجر من خديك يا خبيثة، اعترفي ماذا حدث؟
استجمعت منى شتات نفسها و فتحت عينيها لتنظر إليهن نظرتها المعتادة و قالت في غرور
منى: لن أحكي شيئا إلا في المقهى القريب من الثانوية، أريد شايا ساخنا تفوح منه رائحة النعناع الطري و كرواسان ذهبية اللون محشوة بالشوكولا
نظرت الفتيات إلى بعضهن في غضب
أحلام: هذا ابتزاز
إيمان: أنت استغلالية منى
هبة: ماذا عن حصة التاريخ؟؟
حلت لحظة مقتضبة من الصمت قبل ان تقول أحلام في حزم
أحلام: هيا بنا يا بنات، أنا أدعوكن
تحركن بعيدا عن قاعات الدرس و خرجن إلى الشارع يمشين في صف واحد كعادتهن، كادت أحلام تشتبك في عراك مستميت مع أكثر من شاب فهي من النوع الذي لا يتحمل تحرشات الشارع المقيتة، كانت الفتيات يمنعنها بصعوبة من استعمال قبضتيها لتأديب كل من تسول له نفسه بأن يلقي عبارة غزل ضالة قد تجد طريقها إلى مسامعهن.
أخذن مكانا منزويا في مقهاهن المعتاد و بادرت إيمان منى
إيمان: إحك لنا الآن
نظرت منى إلى السقف بعينيها الواسعتين و قالت في دلال
منى: آكل أولا
نفخت أحلام في وجهها كثور هائج و قد بدأ ينفذ صبرها، فقامت من مكانها و وضعت سبابتيها في فمها و صفرت بقوة لتلفت انتباه النادل الذي هرع إليهن بسرعة و أخذ طلباتهن
إيمان: هل رأيتن هذا النادل؟ هل عينيه زرقاوين أم أنني أهذي؟
ضحكت الفتيات لملاحظتها
أحلام: نادل يا إيمان؟؟ هذا ما انتهيت إليه؟؟
منى: ههههه أخيرا أعجبها شخص ما
عدلت إيمان من وضع نظاراتها و قالت
إيمان: هذا لا يجيب عن سؤالي، ما لون عينيه؟
أحلام: فوشيا هههههههههههه
منى: لا بل سومون هههههههههههه
تنهدت إيمان في صمت عندما حضر النادل ليضع الطلبات على الطاولة فخاطبته إيمان
إيمان: جديد أنت هنا أليس كذلك؟
النادل: هذا لا يدخل ضمن نطاق الخدمات يا آنسة
كان رده صارما انصرف بعده رافعا أنفه للسماء
أحلام: ما به؟
منى: قليل الأدب
إيمان: دعكن منه، هيا احك لنا يا منى ما حدث
ارتشفت منى جرعة من فنجانها و نظرت إلى لا مكان ثم قالت بصوت عذب
وقفت أمامه في شموخ كعادتي، فنظر إلي في هيام و قال لي
لطفي: اسمك منى أليس كذلك؟
منى: نعم
لطفي: اعذريني منى لأنني صرخت في وجهك فأنا لم أكن أقصدك أنت بل كان كلامي موجها للأخريات
كانت صديقاتها فاغرات أفواههن، تكلمن في صوت واحد عندما سمعن كلام منى
"الأستاذ لطفي؟؟؟؟!!!"
أجابتهن منى في غرور
منى: نعم، الأستاذ لطفي
تابعت منى سردها و هي تحاول جعل كلماتها أكثر منطقية و إقناعا
منى: لا بأس يا أستاذ لطفي
وضع سبابته على شفتي و قال بصوت خافت
لطفي: لطفي، نادني لطفي فقط
منى: حسنا أست..حسنا لطفي
أمسك الأستاذ لطفي بيدي بين يديه الإثنتين، و رفعها ببطء إلى شفتيه، قبل برقة ظهرها و بطنها.
عادت الفتيات للصراخ في صوت واحد "الأستاذ لطفي؟؟؟؟!!!"
أومأت منى برأسها إيجابا و هي تعض على شفتها السفلى بشدة
إيمان: ماذا بعد؟
أحلام: طلب رقم هاتفك؟
إيمان: أعطاك موعدا؟
أحلام: يريدك؟
إيمان: زواج أم تمضية وقت؟
أوقفت منى سيل الأسئلة بإشارة مغرورة من يدها و قالت في كبرياء
منى: لم يخلق بعد من يمضي الوقت بي أو يتسلى على حسابي، سيقوم بخطبتي في أسرع وقت
انهالت عليها التهنئات و هي تفكر في سرها كيف تعبر بقصتها هذه البوابة التي تفصل الخيال عن الواقع لكنها سرعان ما هزت كتفيها في استهتار لتنفض عنها هذه الأفكار و هي مقتنعة في سرها بأنه لا شيء يصعب عليها.
و بينما الفتيات منسجمات في الضحك و الدعابات وقف على طاولتهن فتي نحيل طويل القامة كان يبتسم مفصحا عن أسنان ثائرة يمنعها من الإنحراف سلك تقويم اعوجاج الأسنان، نظر الفتى إلي منى في عينيها مباشرة و هو يقول:
الفتى: همس الليل؟؟؟؟
حل صمت رهيب ععلى الفتيات و قد تعرفن على هوية فتى السكايب الذي يهيم بمنى عشقا و الذي تقيمه و تقعده إشارة من سبابتها، فتحت منى فاها لتتكلم لكنه قاطعها
الفتى: همس الليل، هل لي بلحظة من وقتك؟ أريد أن أكلمك وحدك
تنهدت منى و قامت بتثاقل من طاولة الفتيات لترافقه إلى طاولته، التفتت إلى صديقاتها فأشارت لها إيمان و أحلام بإبهاميهين إلى الأسفل و هي إشارة تعرف منى معناها بالضبط إذ يستعملها جمهور حلبات المصارعة ليحثوا الفائز على كسر عنق الخاسر، أجابتهن منى بغمزة حلوة لعوب و واصلت سيرها لتجلس أمام الفتى
الفتى: أنت همس الليل!! لا يمكن أن أخطأ هذا الصوت، لماذا لم تسمحي لي برؤيتك؟ لماذا حرمت فؤادي من كل هذا الجمال؟ أنت أجمل مما كنت أتخيل يا همس الليل
قلبت منى شفتيها في امتعاض من كلماته الغبية و قالت بصوت متأن
منى: اسمع يا صبي، انس أنك عرفتني، لقد كنت بالنسبة لي "?يديو كليپ" أتفرج عليه في ساعات الملل، الآن و قد تعرفت على هويتي فلا بد لي من وضع نقطة نهاية لهذه القصة السخيفة
نظر إليها الفتى فاتحا فمه مفصح عن شبكة المعدن التي تحيط بأسنانه، معالم الصدمة كانت بادية على وجهه، أهذه هي همس الليل الرقيقة؟؟ همس الليل التي كان كلامها بلسما لروحه؟؟ لم يصدق الفتى ما سمعه منها، لا بد أن هناك خطأ ما
الفتى: همس الليل أرجوك، ماذا تقولين؟
وقفت منى منهية الحديث و قالت
منى: كف عن مناداتي بهذا الإسم الغبي، و لو رأيتني في أي مكان فلا تكلمني لأنك إن فعلت سأجعلك أضحوكة الثانوية بتسجيلات الرقص التي أحتفظ بها في حاسوبي، فهمت يا...ماذا كان اسمك؟ الذئب الوحيد؟؟؟
حركت رأسها يمينا و شمالا في استهزاء و قالت
منى: ما أتفهك
استدارت مني تهم بالرحيل عندما وصلها صوته الخافت
الفتى: و المال الذي بعثته إليك؟
ابتسمت منى و أجابته
منى: هذا يا صغيري ثمن وقتي الذي ضيعته في الإنصات إلى تفاهاتك
انصرفت منى لكنها سمعته يقول بغضب مضحك
الفتى: ستسمعين عني قريبا جدا، الأمر لن يمر بهذه البساطة
جلست منى بين رفيقاتها و كلها فخر بما أنجزت
أحلام: لقد انكمش الفتى
إيمان: ماذا فعلت به؟
انفجرت منى ضاحكة و قالت
منى: علمته الأدب
غرقت الفتيات في ضحكات رقيعة جلجلت المكان قاطعها صوت هبة الخافت
هبة: منى، أخبريني ماذا أفعل؟؟ لو كنت مكاني كيف ستتصرفين؟ هل تضيفينه إلى المسنجر أم ترسلين رسالة قصيرة على الهاتف؟؟
نظرت إليها منى و ضيقت عينيها و قالت لها بصوت رقيق
منى: هبة، أرني الكارت
أخرجت هبة الكارت من جيبها و مدته لمنى التي أخذته و تفحصته في صمت ثم مزقته ببطء إلى قطع صغيرة رمتها على رأس هبة و قالت لها بنفس الرقة
منى: الآن سترتاحي
Ch.Marwen
Ch.Marwen
الادارة العليا
الادارة العليا

المتصفح : Google Chrome
الإقامة : Republic of Tunisia
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 25405
نقاط : 103330942
تقييم : 7859
تاريخ الميلاد : 14/01/1990
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
العمر : 34

http://www.arabwoorld.com
-----

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37	 Empty رد: مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37

مُساهمة من طرف Ch.Marwen الثلاثاء 26 نوفمبر 2013, 21:30


[rtl]الفصل التاسع

كانت كريمة تجلس في سيارتها الصغيرة و عقلها محموم لا يكف من الدوران الذي مركزه الوحيد ابنتها منى، كانت غائبة في ملكوت آخر عندما بدت لها منى قادمة، غاية في البساطة و الجمال بحجابها و زيها الجديد، ملاك صغير يمشي على الأرض، ركبت منى إلى جانب والدتها
كريمة: كيف كان يومك منى؟؟
منى: جيد جدا، كان يجب أن أرتدي هذا الحجاب منذ مدة، لن تتخيلي مدى سعادة زميلاتي بي في الفصل.
ابتسمت كريمة في ارتياح و داعبت خد ابنتها بكفها قبل أن تشغل السيارة و تنطلق.
ترجلت كريمة و منى من السيارة عند وصولهما.
منى: ماما اصعدي أنت، أنا سأذهب لأشتري علب المشروبات الغازية و أكياس الشيپس، ستأتي صديقاتي الليلة، أحلام ستحضر لنا آخر جزء في تواي لايت، سنراه معا
ابتسمت كريمة في طيبة و قالت:
كريمة: معك ما يكفي من المال؟
منى: مازال معي مصروفي، لن أتأخر.
صعدت كريمة إلى البيت بينما أخذت منى تمشي في الحي متهادية و هي تعرف بأن أكثر من شاب هنا يذوب فيها، أخذت ما تحتاج إليه و عادت إلى العمارة و هي محملة بالأكياس، ضغطت زر المصعد و وقفت تنتظر و هي تدندن أغنية راقصة في سرها، انفتح باب المصعد فأحست بيد غليظة تدفعها إلي الداخل و تبعها صاحب اليد
منى: وليد؟؟؟
كان وليد في حالة يرثى لها، ذقن رمادية و هالات سوداء تحيط بعينيه و هندام مبعثر، رشقها وليد بنظرة قاتلة اخترقت أحشاءها، ابتلعت مني ريقها و هي تجهز نفسها لمعركة دامية
منى: ماذا تريد؟؟
ضرب وليد جدار المصعد و جاءت ضربته محادية لرأس منى و قال بصوت جليدي
وليد: بل أنت ماذا تريدين؟؟ و أي لعبة تلعبين؟؟
انكمشت منى في ركن المصعد و قد عرفت بأنه لا فائدة ترجى من الإنكار، بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها و قالت بصوت مرتعش
منى: ماذا تريد مني؟ عن ماذا تتحدث؟؟
تنهد وليد بعنف و هو يمرر أصابعه للمرة الألف في شعره الناعم و قال و هو يصر على أسنانه
وليد: إسمعي يا فتاة، هذه البراءة لا تخدعني، أنا واثق بأنك وراء كل ما حدث
منى: و ما الذي حدث؟؟
تنهد وليد من جديد ثم قال بصوت نافذ الصبر
وليد: يبدو أن الطرق المتحضرة لا تنفع معك
ما إن أتم عبارته حتى هوى براحته على لوحة أزرار المصعد الذي اهتز بهما و توقف بين طابقين، نظر إليها وليد و قد بدأت ترتعش من الخوف و سقطت الأكياس التي تحملها على الأرض و قالت بصوت مرتعش
منى: أنا فعلت ذلك يا وليد، بعثت رسالة قصيرة من هاتفك إلى هاتفي عندما أوصلتموني بالأمس، دخلت مع سلمى و تركت الهاتف أمامي ففعلت ما فعلت
منع وليد نفسه بشدة من ضربها و قال بغضب مستطير
وليد: و ماذا فعلنا لك؟ هل تعلمين إلى أين أوصلنا عبثك هذا؟ سلمى تريد الطلاق، نفسيتها مدمرة، ماذا فعلت لك أنا؟ ماذا فعلت لك سلمى؟هل أنا مذنب لأنني احترمتك و عاملتك كشقيقة لي؟ هل كنت ستسعدين لو أنني قللت من احترامك أو تحرشت بك؟ و سلمى؟ سلمى التي تحبك بصدق؟ ماذا فعلت كي تستحق منك كل هذا الأذى؟ كم عمرك؟ 16 أم 17 سنة؟؟ من أين لك بكل هذا الخبث و الحقد؟؟
عجزت منى عن الكلام و هذا السيل المتدفق من الإتهامات ينهال عليها، كان عقلها يدور بسرعة خيالية، لا بد لها من مخرج، نظرت إلى وليد نظرة باكية و قالت بصوتها المتهدج الذي تجيد استعماله
منى: آسفة جدا، سأصلح الوضع، سأخبرها بأنني أخطأت قراءة الرقم، ثق بي، سأصلح غلطتي، سأتحمل المسؤولية كاملة.
استدار وليد إلي أزرار المصعد يعالجها بسرعة، تحرك بهما المصعد فتنفست منى الصعداء، انفتح الباب فخرجا، كان باب شقة منى موصدا بينما باب شقة سلمى موارب، أشار لها وليد كي تدخل عند سلمى لتصحح الخطأ
دخلت منى و أغلقت الباب وراءها و يديها ترتعشان غضبا، كانت تسمع صوت نحيب سلمى القادم من غرفة النوم، وقفت أمام باب الغرفة، و جرت بعنف طرف حجابها ليتبعثر شكله و مدت يدها لتمزق بحركة صامتة ياقة قميصها، كانت خصلات من شعرها الكثيف و الناعم تتسلل ثائرة من تحت الحجاب المبعثر، تنفست منى بعمق ثم دخلت عند سلمى.
خرجت منى بعد عشر دقائق و هي تمسك ياقة قميصها بقبضتها كي تخفي تمزقها، نظرت إلى وليد الذا كان يجلس كئيبا علي الدرج
منى: كل شيء على ما يرام، ادخل إليها
نهض وليد من مكانه بسرعة و جرى إلى الداخل بينما هزت منى لتفيها في استهتار و هي تقول لنفسها "هذا درس بسيط، كي تتعلم في المرة القادمة كيف تكلم منى" مشت إلى جانب المصعد لتحمل أكياسها و تفتح علبة مياه غازية لتشربها في تلذذ، فتحت باب شقتها و دلفت إلي الداخل و قد عادت تدندن لحنها الراقص من جديد

الفصل العاشر

كانت منى مضطجعة في سريرها عندما اقتحمت عليها أحلام و إيمان الغرفة و جرتا الغطاء ليرغمنها على التيقظ
أحلام: لم يكن هذا اتفاقنا، كيف تنامين و نحن قد اتفقنا على السهرة معا?
إيمان: هيا انهضي
نهضت منى متثاقلة ثم اكتشفت بأن هبة غير موجودة
منى: أين هبة؟؟
هزت أحلام كتفيها و أجابت في لامبالاة
أحلام: لن تأت، تعاني من صداع أرقدها منذ عودتها من الثانوية
كورت منى شفتيها في غضب و قالت
منى: صداع؟؟ ما هذا العذر المستهلك؟ لماذا لا تريد المجيء؟
نظرت إليها إيمان نظرة مباشرة و قالت
إيمان: اسألي نفسك منى
منى: و ماذا فعلت لها أنا؟؟
نظرت إليها إيمان و أحلام نظرة طويلة واضحة المعنى فأردفت منى بارتباك
منى: لقد ساعدتها على التخلص من الحيرة المزمنة التي كانت تعاني منها
أحلام: بل انت دمرت الخيط الوحيد الذي كان يمكنه أن يصلها بوسيم المجمع الإقتصادي
عقدت منى حاجبيها في غضب و صرخت في وجه صديقتيها
منى: لا تقولا الآن بأنكما معها، لقد كنتما تضحكان ملء شدقيكما عندما رأيتما ملامحها و الكارت يتمزق أمام عينيها
إيمان: أنا ضحكت ساعتها، لكنني الآن أرثي لحالها
أحلام: و أنا اشعر بالذنب
مطت منى شفتها السفلى في اشمئزاز و هي تقول
منى: الرجل أصلا ليس فرصة لا تعوض، ستلتقي غيره و تنسى، ثم إنه أبعد ما يكون عن الوسامة
رفعت أحلام حاجبها الأيسر و ابتسامة ساخرة ترتسم على ملامحها
أحلام: منى؟؟؟؟!!!! أبعد ما يكون عن الوسامة؟؟؟ الرجل جميل كإله إغريقي هههههه
ضحكت إيمان و أحلام معا بينما نهضت منى لتشعل حاسوبها و تشغل قرص دي.?ي.دي الذي أحضرته أحلام و هي تقول بلهجة واثقة
منى: أراهنكن على أنها ستنسى و غدا ستأتي و ذاكرتها ممسوحة و لن تذكره مجددا
إيمان: سنرى
جلست الفتيات يتفرجن على الفيلم، كان جسم منى حاضرا معهن بينما عقلها غائب عند سلمى و وليد و ما قد يكون جرى بينهما بعد خروجها، تذكرت ملامح سلمى المصعوقة عندما دخلت عليها و حكت لها أن زوجها تحرش بها في المصعد و هددها بالضرب و تشويه سمعتها أمام والدتها إن هي فتحت فاها، ما تزال تذكر صدمتها و دموعها المتحجرة و توسلها إليها بأن لا تخبر كريمة، أقسمت لها سلمى بأغلظ الأيمان بأنها ستتصرف مع زوجها و لن تدعه يتعرض لها مرة أخرى، كانت سلمى مرعوبة من كريمة و ما قد تفعله إن علمت بالذي حدث، قد تخبر الشرطة و تدخل وليد إلى السجن، غريبات هن النساء، ها هي سلمى واثقة بأن زوجها يخونها و مع ذلك تخاف عليه و لا تريد له أن يدخل السجن، لن تكون أبدا مثل أولئك النساء الخنوعات، اللواتي يغفرن للرجال زلاتهم و يلتمسن لهم الأعذار، الرجل الذي سيكون لها، ستجعله يعبدها بعد الإله
أيقظتها يد أحلام و هي تلكزها في كتفها
منى: ماذا؟؟؟
أحلام: المشروبات الغازية
نهضت منى متبرمة لتحضر المشروبات الغازية لصديقاتها و عادت بسرعة دخلت إلى الغرفة فصمتت أحلام و إيمان فجأة، كما لو أنهما كانتا تتحدثان عنها، مدت إليهما علب المشروبات الغازية و قد احتل الشك كيانها
منى: مابالكن صمتتن عند دخولي؟ هل أستنتج من ذلك أنني كنت موضوع الحديث؟
أحلام: أنت مجنونة، البارانويا ستقتلك منى ههههههههه
ضحكت إيمان و أحلام بينما ظلت منى ترمقهما بشك، عادت الفتيات للتركيز على أحداث الفيلم الذي شارف على الإنتهاء، و عادت منى لشرودها، تتوق لتعرف ما فعلته سلمى و وليد
تمطت أحلام في مقعدها عندما انتهى الفيلم و نظرت إلي منى
أحلام: و كيف حال الخطيب المستقبلي؟؟؟
منى: عن أي خطيب تتحدثين؟؟؟!!!!
نظرت إليها إيمان و أحلام باستنكار و قالت إيمان موضحة
إيمان: الأستاذ لطفي
منى: آه، الأستاذ لطفي، نعم الأستاذ لطفي
أحلام: ألا يتصل بك؟
منى: و هل يبدو لك هو من النوع الذي يضيع الوقت في الإتصالات و الرسائل الغبية؟؟؟ إنه جدي جدا، سيخطبني مباشرة عند نهاية هذه السنة الدراسية
أحست منى بأنها تتورط أكثر في هذه الكذبة، إن الخيال و الأكاذيب تتسرب من فاهها كلما فتحته، ربما يجب عليها أن تغلقه لترتاح و تريح، هزت كتفيها لتنفض عنها هذه الأفكار كعادتها
أحلام: فعلا، هو لا يبدو من النوع الذي يضيع الوقت
نظرت منى بلامبالاة إلى حاسوبها فلفت انتباهها رسالة جديدة في بريدها الإلكتروني
منى: ما هذه الرسالة؟؟
أحلام: افتحيها
فتحت مني الرسالة و قرأتها بصوت عال
"همس الليل، قد أبدو لك غبيا أو تافها، لكنني لست كذلك أبدا، كنت أنت نقطة ضعفي الوحيدة و كنت مستعدا لأن أهبك حياتي لو طلبتها، لكنني لا أغفر لك الإهانة و التلاعب بمشاعري بل و استغلالي و سرقتي، انتظري مني أحلى مفاجأة غدا في الثانوية
الذئب الوحيد
الذي كان يعشقك يوما ما"
تبادلت الفتيات النظرات و كسرت إيمان الصمت المخيم عليهن
إيمان: لا يبدو أنه يمزح
أحلام: هذا يبدو كرسالة تهديدية
منى: ماذا بيد هذا الفتى أن يفعل؟ فليرني ماذا يخبئ لي
ابتسمت ابتسامتها المغرورة قبل أن تضيف بصوت خافت
منى: لا شيء منه أو من سواه سيهزني
[/rtl]
[rtl]
الفصل الحادي عشر
 
على الساعة الثامنة مساء، غادرت إيمان و أحلام بيت منى و قررتا الذهاب مشيا على الأقدام، كانتا تسكنان ذات الحي، مشتا بوتيرة بطيئة و كل منهما تريد فتح نفس الموضوع، قررت أحلام أن تتكلم
أحلام: سأقطع علاقتي بمنى، لم تعد صداقتها تهمني
صمتت إيمان و هي تسمع ما كانت تفكر فيه يخرج من فاه أحلام، لكنها ظلت صامتة و لم تعلق فاستطردت أحلام باندفاع
أحلام: منى تتمادى في كل شيء و لا حدود لتصرفاتها، صحيح أننا معا في كل شيء لكنني لا أحتمل أن تتأذى هبة، أنت تعرفين كيف هي هبة، رقيقة و هشة و لا تحتمل، نحن نضحك و نتمادى لكننا لا نؤذي بعضنا البعض
ظلت إيمان صامتة تنظر إلى الأرض أثناء مشيها الشيء الذي أثار بشدة أعصاب أحلام التي ما لبثت أن أمسكت بذراع إيمان لتوقفها و تنظر إلى عينيها مباشرة
أحلام: حددي موقفك إيمان، إما أن تكوني معي أو معها
عبست إيمان و عدلت من وضع نضاراتها و قالت بصوت ثابث و متأن
إيمان: نحن لم نحاول إصلاحها أحلام، لقد كنا دائما في مركب واحد، لا يجوز أن نحملها المسؤولية وحدها، هبة كانت دائما مادة لسخريتنا نحن الثلاثة
أحلام: لكنني أحب هبة و لا أريد لها الأذى
إيمان: و هل تظنين أن مقاطعة منى ستدفع عنها الأذى؟؟؟
تركت أحلام ذراع إيمان و هي تتنهد بيأس ثم واصلت طريقها و قد وضعت يديها في جيب زيها الرياضي، جرت إيمان لتجاري خطوات أحلام و أكملت كلامها
إيمان: دعينا نعطي أنفسنا فرصة أخرى، نحن لم نتخاصم أبدا، لكننا يجب أن نغير مواقفنا و تصرفاتنا و لا يجب أن نصادق على كل ما تقوم به منى، سنظهر لها أننا لسنا معها عندما تتمادى و لا تنسي أننا أيضا نفعل مثلها في الكثير من الأحيان، التغيير لا يجب أن يطالها وحدها
كانت إيمان تتكلم في استرسال عندما لاحظت أن أحلام تنظر بتركيز إلى مشهد بعيد، كان هناك شاب يخوض عراكا مع شابين آخرين يبدو عليهما السكر من ترنحهما، أمسكت إيمان ذراع أحلام و قالت في خوف
إيمان: بماذا تفكرين أحلام، لا تتدخلي، ربما يكون الشابان مسلحان
خلصت أحلام نفسها من قبضة إيمان و عدلت من ياقة زيها الرياضي و تنفست بعمق قبل أن تتجه نحو الشباب المتعارك
وقفت أحلام أمام الشباب و مازالت يديها في جيبها و قالت بصوت هادئ
أحلام: هل من مشكلة يا شباب
نظر إليها الشابين الثملين نظرة معناها أن الفريسة أضحت فريستين، ابتسم أحدهما ابتسامة لزجة و قال بصوت متثاقل من فعل الخمر
الشاب1: كنا نحتاج هنا إلى رائحة الأنوثة
أكمل الشاب عبارته و التفت إلى صديقه قائلا
الشاب1: اهتم أنت به و أنا سأدردش قليلا مع هذه الحلوة
كان يتكلم و هو يقترب منها فلفحتها رائحة كريهة تنم عن مغالاة في جرعة ما من الجرعات المسكرة أو المخدرة، مد الشاب يده يبغي إزالة كاسكيتها عن رأسها لكنها تفادته برشاقة دون أن تخرج يديها من جيب زيها، اختل توازن الشاب فسقط أرضا سقطة مضحكة لفتت انتباه زميله الذي قطب حاجبيه في غضب و اتجه إليها لينتقم لصاحبه الذي يبدو أنه يجد صعوبة كبيرة في الوقوف على قدميه من جديد
الشاب2: تعالي إلي يا حلوة، لا تتعبيني كي لا أؤذيك
نظرت إليه أحلام نظرة ساخرة و هو يتجه نحوها فاتحا ذراعيه، تفادته إلى اليسار، فاندفع إلى الأمام قبل أن تستدير إليه و تضربه ببطن حذائها في ظهره ليتكوم فوق زميله، كل هذا دون أن تخرج يديها من جيبها
نظر إليها الشاب الذي كان سيكون ضحيتهما بامتنان فهرعت إليه تسأله
أحلام: هل أنت بخير؟ هل سرق منك شيء ما سليم؟؟؟
أغمض سليم عينيه في تعب و هو يتكئ بقبضته على أقرب جدار
هرعت إليه أحلام تسنده و قد لاحظت أنه لا يقوى على الوقوف، حينها أتت إيمان إليهما جريا تساعدها على سند الشاب الذي تبينت ملامحه و عرفته، هذا سليم، ابن حيهم الذي لوع قلب أحلام من سنوات الإعدادية
كان الخوف باديا على أحلام و قد أرتج عليها و لم تعرف كيف تتصرف فنظرت إلى إيمان متسائلة
أحلام: ماذا سنفعل، إنه يختنق، ماذا به؟
إيمان: أظن أنها نوبة ربو
نظرت إيمان إلى سليم و خاطبته برفق
إيمان: سليم، هل لديك دواء ما؟
جاهد سليم ليأخذ نفسه و هو يشير إلى الشابين المتكومين أرضا، فهمت أحلام أنهما سلباه محفظة أو حقيبة تحتوي على الدواء، أشارت أحلام برأسها لإيمان كي تفتش الشابين الذين يعجزان عن الوقوف، اتسعت عيني إيمان رعبا و قالت لأحلام في صوت خافت
إيمان: افعلي أنت، سأسنده أنا
تبادلتا الأدوار، فتشت أحلام قرب الشابين فوجدت حقيبة ظهر بحثت فيها بارتباك، أحست بأن وجهها مبتل، ماهذه التي تتساقط من عينيها و تشق خديها في إصرار؟ دموع؟؟ صدمت أحلام عندما اكتشفت بأنها تبكي بل و تتهانف و هي تبحث بثورة داخل حقيبته، طفحت ترمي أشياءه أرضا و يديها ترتعشان
وبينما هي تبحث بارتباك طالعتها صورتها ضمن أشياء الفتى، صورة قديمة عندما كان شعرها طويها و كانت ترتدي فستانا ككل البنات، لم تعرف بم تفكر، شلت حركتها و شل عقلها، ماذا تفعل هذه الصورة عنده و من أين له بها؟؟
أيقظها صوت إيمان التي تستعجلها و ثقل الشاب يكاد يطيح بها، فواصلت بحثها المحموم إلى أن وجدت علبة الدواء فلوحت بها أمام وجه الفتى
أحلام: أهذا هو ما تحتاج إليه سليم؟
اختطف سليم العلبة و حركها جيدا قبل أن يضع فوهتها على فمه و يأخذ منها نفسا عميقا
تعاونت إيمان و أحلام في سند الشاب و أجلستاه على الرصيف و جلستا بقربه، كان اللون قد بدأ يعود إلى وجهه و أصبح نفسه شبه طبيعي
فنظر إلى أحلام ممتنا و قال مفسرا
سليم: كنت أمشي عندما أحسست بأن نوبة الربو تقترب، فتحت حقيبتي لآخذ الدواء عندما اختطفها مني هذين السكيرين، عجزت عن الدفاع عن نفسي إذ أن النوبة كانت تزداد حدة شيئا فشيئا و كانت تمنعني من التنفس و التركيز و حتى الرؤية
صمت الشاب لحظة نظر فيها إلى أحلام مليا قبل أن يقول لها بصوت خافت
سليم: أنقذت حياتي أحلام
نظرت هي إلى الأرض و آثار الدموع ترسم جمالا خرافيا على ملامحها و تخضب و جهها بحمرة مثيرة، نظرت إليها إيمان في دهشة و لسان حالها يقول "أنت أيضا تحمرين يا أحلام"
قامت إيمان من مكانها و قالت بلهجة معناها الظاهر أنها تأخرت و معناها الباطن أنها تحس بنفسها عذولا بينهما
إيمان: سأذهب الآن، أمي ستقتلني لهذا التأخير، أراك غدا في الثانوية أحلام، حمدا لله على سلامتك سليم
انصرفت إيمان بخطوات سريعة
ساد الصمت بينهما  للحظة ظنت فيها أحلام أنها تمسك النجوم بين أصابعها، سليم يحبها، هذا هو التفسير الوحيد لتواجد صورتها في حقيبته، تذكرت الحقيبة التي ما تزال على الأرض و أشيائه المبعثرة فهبت إليها تجمع ما تبعثر منها و أصابعها ترتعش، أمسكت صورتها تريد وضعها بسرعة في الحقيبة دون أن يلاحظ سليم، لكنها أحست بيده تحتضن يدها بشوق و هما يمسكان الصورة معا، توقف الزمن، لم تدر أحلام كم مر من الوقت و هما صامتين، و أعينهما تتعانق و أرواحهما تتوحد، مال سليم برأسه ناحيتها و همس في أذنها
سليم: لماذا كنت تبكين أحلام؟؟
اندهشت أحلام من سؤاله و خطفت يدها من يده التي ظلت معلقة في الهواء يتيمة تحتضن الصورة، و لمست خدها لتمحو آثار الدموع و ظلت صامتة تنظر إلى الأرض و هي حائرة لا تدري ماذا عليها أن تفعل؟ هل تذهب؟ أم تبقى؟ و إن بقيت ماذا يجب عليها أن تقول؟
اختصر عليها سليم هذه الحيرة و وقف و هو يحمل حقيبته و يدعوها للمشي في اتجاه الحي الذي يقطنان فيه
وقفت أحلام و مشيا معا، كانا صامتان يمشيان ببطء و هما يتمنيان أن يطول المشوار، كل واحد يضع يديه في جيبه، قاطع سليم الصمت قائلا
سليم: ربما يجب أن نفترق هنا، لا أريد أن أخلق لك المشاكل، قد يرانا أحدهم معا فيوصل الخبر إلى حبيبك
فغرت أحلام فاها و قد بلغت منها الدهشة مبلغا عظيما و رددت وراءه في غباء
أحلام: حبيبي؟
هز سليم كتفيه في بؤس و قال
سليم: نعم حبيبك، أعرف أن لديك حبيب
بدأ الغضب يذيب السحر الذي كانت تحس به أحلام، عن أي حبيب يتحدث سليم؟ ثم إنها ليست من نوع الفتيات اللواتي قد يتخذن حبيبا أو صاحبا، أهانتها العبارة و لدهشتها العارمة لم تفكر بعنف كعادتها عندما تتلقى أية إهانة بل كانت ردة فعلها غريبة عنها و عن طباعها، أحست بغباء شديد و دموعها تنزل في صمت على خديها، وقف سليم و أمسك كتفيها بقبضتيه لينظر إليها مباشرة و هو حائر لا يفهم سبب بكائها، أحس برغبة عارمة في ملامسة خدها و مسح دموعها لكنه لم يجرؤ، لم يدر ما يقول أو ما يفعل لكنه سمع نفسه يقول بصوت متحشرج
سليم: لم البكاء ثانية أحلام؟؟؟
ظلت أحلام صامتة تنظر إلى الأرض و قلبها يلعب معها لعبة قاسية جدا، يخفق بجنون، تحسه يصطدم بقفصها الصدري بعنف كأنه يحاول الخروج ليعترف لسليم بما تشعر به ما دام لسانها عاجزا عن الإعتراف
وضع سليم أصابعه برقة على ذقنها ليرفع رأسها المطأطأ و يرغمها على النظر إليه و قال بصوت هامس أذاب عظامها
سليم: لا يبدو أنك تعاملت مع شاب من قبل أحلام، هل لك حبيب فعلا؟
سارعت أحلام لتجيب بصوت قاطع
أحلام: لا
خجلت من سرعتها في الرد بينما عقد سليم حاجبيه في غضب و قال
سليم: لماذا إذا أخبرتني صيقتك بأن أبتعد عنك لأنك تحبين شخصا آخر و بأن ابن صاحب محلات البقالة ليس أبدا ضمن جدول أعمالك؟
صعقت أحلام عندما سمعت كلامه و ظلت صامتة تنظر إليه في غباء منقطع النظير ثم قالت بصوت ضعيف مقهور
أحلام: صديقتي؟؟ من؟؟
أجابها سليم في حزم
سليم: منى
[/rtl]

 الفصل الثاني عشر

كانت أحلام ترتعش غضبا و قدمها تضرب الأرض في حركة عصبية سريعة عندما قالت لها إيمان
إيمان: هوني عليك يا أحلام، لقد انصلح كل شيء و أنت الآن على وفاق مع سليم
نظرت أحلام إلى صديقتها و الغضب يقطر من ملامحها و قالت بصوت يظاهي الفحيح حدة
أحلام: ألست تفهمين؟؟ منى أذتني أنا، أنا صديقتها التي وقفت بجانبها في مواقف كثيرة، ماذا فعلت لها؟ لقد كانت تعرف كم أحب سليم و أبعدته عني و فعلت مثل ذلك مع هبة و ليس بالمستبعد أن تحاول معك، إنها لا تعرف للصداقة معنى، تتسلى بنا هذا ما تفعله منى، نحن بالنسبة لها بيادق قي رقعة شطرنج تحركنا مثلما تشاء، انا ساقطع علاقتي بها اليوم و أنت حرة إيمان ابقي معها إن شئت.
كانت إيمان تنظر للأرض و هي حائرة في اتخاذ قرار ثم قالت بصوت خافت
إيمان: لكن لماذا؟؟ ما الذي يدفعها لمثل هذه التصرفات؟ أريد أن أفهم ما الذي...
قاطعت أحلام جملة إيمان الحائرة و هي تقول بصوت يكاد يصل إلى درجة الصراخ
أحلام: ماذا تريدين أن تفهمي؟؟؟ هذا حقد صارخ، لا يمكن ان نفسر تصرفاتها على ضوء آخر غير هذا
عادت إيمان للصمت بينما أخذت أحلام تذرع ممر قاعات الدرس جيئة و ذهابا، توقفت أحلام عن المشي عندما رأت هبة تجري نحوهن بخطوات متعثرة
وقفت هبة أمامهن و هي تحاول التقاط أنفاسها ثم قالت بصوت متهدج
هبة: مصيبة يا بنات
نظرت إليها أحلام و إيمان و أنفاسهما مقطوعة
أحلام: ما الأمر؟؟
أخذت هبة نفسا عميقا قبل أن تلقي قنبلتها التي جعلت إيمان و أحلام تنسيان كل حقد داعب قلبيهما اتجاه منى.
كانت منى تمشي في ساحة المدرسة باتجاه الفصل عندما لاحظت بأن الطلاب ينظرون إليها نظرة غريبة، هل منظرها ملفت للإنتباه؟؟؟ كانت ترتدي حجابا ورديا فاتحا و قميصا ورديا و تنورة جينز طويلة، لم تجد في تفسها ما قد يثير الإنتباه إلى هذه الدرجة هذا إذا ما تغاضينا عن جمالها الأخاذ طبعا، هزت كتفيها في لامبالاة و أكملت طريقها و هي تدندن لحنا راقصا في سرها، بحثت بعينيها عن صديقاتها فلم يبد لهن أي أثر، أكملت طريقها إلى الفصل فلا بد أنهن هناك، دخلت منى فالتفت إليها الجميع، أحست بأن هناك شيء غير طبيعي، ما هذه النظرة المرتسمة على وجوه الكل و التي تتأرجح بين الشماتة و الإشفاق؟ رفعت منى رأسها عاليا و أخذت مكانها إلى جانب هبة و استدارت لتلقي التحية على الفتيات
منى: كيف حالكن يا بنات؟؟؟
أجابتها إيمان بكلمات خافتة مبهمة مفادها أنهن بخير بينما دفنت هبة أنفها في مقررها التعليمي و انشغلت أحلام بالنظر إلى حذائها، استغربت منى من ردة فعلهن الغريبة فتحت فمها لتستفسر لكن دخول الأستاذ لطفي منعها، نظر إلى الطلاب بنظرته الصارمة و قال
لطفي: هذه الحصة ستكون حصة توجيهية لكم، سنتناول فيها العلاقة ما بين النظري و التطبيقي في علوم الإقتصاد، أرجو منكم التفاعل و استغلال هذه الفرصة لطرح كافة الأسئلة، فالذي سيلقي هذا الدرس هو اصغر دكتور في علوم الإقتصاد على الصعيد الوطني
ما إن أتم جملته حتى سمع الجميع طرقة على الباب دخل بعدها رجل أنيق إلى الفصل، كان براقا لامعا كعارض أزياء خرج للتو من إحدى المجلات الفاخرة، صافح الأستاذ لطفي و وضع أوراقه على المكتب و تخلص من جاكتته ليظهر قميصه المكوي الذي يصف بنيته الرياضية و يكشف عن عضلات متناسقة، رفع رأسه لينظر إلى الطلاب، فشهقت هبة شهقة جعلت كل الحاضرين يلتفتون إليها، هبت إليها أحلام و هي تعرف بالضبط ما أصابها فهذا الذي جاء ليلقي الدرس هو السيد كمال وسيم المجمع الإقتصادي و لا أحد سواه.
كانت أحلام تحرك كتابا ضخما عند وجه هبة لتخلق لها تيارا باردا يعيد لها وعيها بما حولها، إيمان كانت في جهة بعيدة تمنعها من التدخل و منى كانت تعقد حاجبيها في ملل و لسان حالها يقول بأن كل هذا مسرحية للفت الإنتباه لا غير.
هبة كانت في عالم آخر، رؤيته أعلمتها كم كان تعلقها به كبيرا و كم كان شوقها له عاتيا، كيف يمكن لشخص أن يسيطر على الحواس و الجوارح من نظرة واحدة؟؟ اختفى الفصل و اختفى الأستاذ لطفي، و اختفى كل الزملاء و ظلت وحدها برفقته، كان يمد لها يده، يريد أن ينتشلها من بحر الحيرة و من تخبطها العشوائي في خضم العذاب و الخوف، سمعت صوته الخافت يوقظها من بعيد
كمال: هل أنت على ما يرام؟؟؟
فتحت عينيها العسليتين و نظرت إليه في صمت و هي تهز رأسها، بدا لها غاية في الوسامة، كانت تتراقص حوله النجوم، النجوم؟!؟ لا بد أنها تهذي، نظر إليها نظرة اخترقتها و قال لها بصوت عذب
كمال: هل أنت قادرة على إتمام الحصة؟؟
هزت هبة رأسها في صمت و قد بدأت الأشياء تعود إلى أمكنتها، عاد الفصل بجدرانه و الأستاذ لطفي بصرامته و التلاميذ بصخبهم،
وقف كمال ينظر إلى التلاميذ قائلا
كمال: زميلتكم الآن على ما يرام، يمكنني أن ألقي محاضرتي
صمت الجميع و تنهدت بعض الفتيات في هيام و هن يرمقن هبة بحسد لاهتمام هذا الصاروخ البشري بها. دس كمال يده في جيبه ليخرج علبة من سكاكر النعناع ليضعها أمام هبة و هو يقول بصوت خافت
كمال: هذه ستنعشك، لا بأس عليك يا صغيرة
اتخذ كمال مكانه و بدأ يتكلم، لم تكن هبة تسمع شيئا مما يقول، كانت تمسك علبة السكاكر بقبضتها الصغيرة و قلبها يخفق بعنف، تحول العالم بأسره إلى شخص واحد، إنها تحبه حقاً لكن هل يبادلها الشعور أم أنه شخص معتاد على نثر بطاقاته ذات اليمين و ذات الشمال؟
 مالت منى برأسها نحو هبة و قالت لها بصوت هامس
منى: إنه لا يذكرك يا غبية
نظرت إليها هبة في رعب و قالت بصوت مرتعش
هبة: لماذا تقولين ذلك يا منى؟؟؟ ألم تري كيف اهتم بي؟؟
و مدت يدها المفتوحة لتريها العلبة الخضراء فضحكت منى باستهتار و قالت
منى: ما هذه يا هبة؟؟؟ حلوى النعناع؟؟؟ كم ثمنها؟؟؟ ربما هي منتهية الصلاحية، إنه يراك طفلة
شدت هبة قبضتها على العلبة الصغيرة و تنهدت بعمق و هي تحاول إبعاد كلمات منى التي تقطر سما عن خيالها الهش لكن منى واصلت كلامها في إصرار
منى: هل تعلمين أنه يوم كنا في المقهى معا قد أرسل إلي قبلة في الهواء؟؟ و عندما عرف بأنه لن ينالني لم يشأ الخروج صفر اليدين، إنه من النوع الذي يحاول مع كل فستان و كل تنورة تمر من أمامه، بالله عليك هبة انظري إلى نفسك ثم انظري إليه أنتما من عالمين مختلفين تماما، انسي الأمر…
قطعت كلامها ضربة عنيفة هزت الطاولة و المقعد الذي تجلس عليه منى، نظر إليها الأستاذ لطفي وهو يلوي شفته السفلى في امتعاض ثم قال بصوت ساخر
لطفي: ربما تودين أن نسكِت الدكتور كمال لننصت إلى تفاهاتك؟؟؟
أرتج على منى فلم تجد جوابا لكن الأستاذ لطفي كان قد حمل كتابها الوحيد و رمى به خارج قاعة الدرس و هو يقول بصوت جليدي
لطفي: إلحقي بكتابك يا آنسة
[rtl]الفصل الثالث عشر

النظرات كانت كالسيوف تطعنها طعنا و هي مازالت لا تدري السبب، ماذا جرى حتى أصبحت تلفت الأنظار إلى هذه الدرجة؟ نعم هي تحب أن تكون محط أنظار الجميع لكن ليس بهذه الطريقة، فالكل كان ينظر إليها بمزيج غريب من الإحتقار و التشفي، أحست منى بغضب شديد تضاعف عندما تذكرت الموقف المهين الذي تعرضت له في حصة الأستاذ لطفي، ستكتشف الفتيات كذبتها عن الأستاذ لطفي لا محالة، زادت نسبة الغضب و ما عادت تحتمل البقاء داخل جدران الثانوية، خرجت تتسكع وحدها، الشوارع مكتظة بالناس، كل يمشي في طريقه، لكل حياته تمنت لو كانت يدها تستطيع أن تطال حياتهم لتضع بصمتها عليها و تمحو بسمة الرضا من فوق شفاه كل الراضين أو تكسر قلوب العاشقين أو تبدد مال المترفين، حقدها اللامبرر كان يكبر كل يوم حتى أعماها فلم تعد ترى إلا نفسها، إنها أكثر صديقاتها جمالا و أنوثة فكيف لا يحبها الرجال، ما الذي تملكه هبة حتى يهتم بها كمال؟ و ما الذي تملكه سلمى حتى أضحى وليد مجنونا لما هددته بالطلاق؟ و ماذا جعل قلب سليم ابن التاجر يلهث خلف أحلام التي تشبه الصبيان بشكلها؟ كمال أهان أنوثتها عندما تجاهلها و وليد أهان كرامتها عندما أجبرها على الإعتراف بفعلتها في المصعد و سليم داس على شوقها إليه عندما فضل أحلام عليها، ما الذي ينفر الرجال منها؟ جمالها طاغ و عنيف و لا أحد يستطيع الإنكار لماذا إذا لا أحد يحبها؟ لماذا لم تحظ بموعد غرامي؟ لماذا لم تحظ بلفتة حب و لو بسيطة كعلبة حلوى النعناع التي حصلت عليها هبة؟ بدأ الحسد يغلي بداخلها و يأكل أي إحساس بالآخر فيجعلها لا ترى إلا نفسها و لا تعشق إلا نفسها.
لم تدر لماذا احتلت صورته خيالها و جعلتها تتوقف عن التفكير في أي شيء آخر، لطفي بشفته السفلى الممطوطة في ازدراء، و نظرته التي لا تحط عليها إلا غضبا، هل يحبها يوما؟ شعرت بيأس كبير جعل الدموع تجاهد لفك الوثاق الذي طال و تتحرر على خديها و تتساقط متكسرة تبحث عن يد تلثمها فلا تجدها.
ازداد غضب منى حينما أحست بدموعها تتساقط على خديها، شعرت بأنها مقهورة و مظلومة و بأنه لا أحد في هذا الكون كله يفهمها، كانت تمشي بلا هدف حتى وجدت نفسها أمام بيتها، دخلت و هي تجر قدميها جرا، ستدعي المرض عندما تأتي والدتها و تسألها عن حضورها المبكر، لم تكن تقلق أبدا من ردات فعل والدتها فهي بارعة في تلفيق الحجج، وقفت أمام المصعد لكن ذكرى وليد جعلتها ترتعش خوفا و حنقا، اتجهت نحو السلم و جسدها المنهك يلتهم درجاته بسرعة فائقة، وقفت أمام شقتها و دست المفتاح في الباب عندما سمعت صوتا رقيقا لكنه لا يخلو من الصرامة
سلمى: منى؟!؟؟؟
استدارت منى فرأت سلمى تنظر إليها بنظرة غريبة لم تتبين معناها، تقدمت سلمى نحوها في صمت مريب ثم رفعت يدها لتصفع منى على خدها الذي لم يزل دمعها مرابطا فيه، تكلمت سلمى بصوت بارد جعل منى تشعر بهول ما فعلته
سلمى: هذه من أجل دمعي و سهري و نبذي لزوجي البريء منك و من ادعاءاتك الكاذبة.
أخرجت سلمى من جيبها هاتف زوجها و وضعته أمام أنف منى و هي تقول بصوتها المتهدج تأثرا و غضبا سلمى: هل تعلمين ما هذا؟؟؟
هذا هاتف زوجي الذي عبثت به يداك عندما ضايفتك في بيتي و هذا الهاتف الذي كان سببا في عذابي هو نفسه الذي أثبت لي براءة زوجي فهو يحتوي على مسجل للصوت سجل كل شيء من دخولك إلى المصعد و حتى وقوفك أمام باب شقتي، فغرت منى فاها و هي عاجزة عن تفسير تصرفها، بماذا تبرر فعلتها؟ صمتت و عينيها على الأرض، فتابعت سلمى كلامها
سلمى: على كل حال انا شاكرة لك فعلتك هذه التي أثبتت لي كم يعشقني زوجي
نظرت سلمى إلى منى باحتقار جعلها ترتجف ألما ثم أضافت
سلمى: أشفق على كريمة مما ستلاقيه معك، لو لم تكن صديقتي و لو لم أكن أعرف رقتها و ضعفها لكنت فضحت شرك أمامها لكن سكوتي يا منى لا يعني بأنني سأعتقك، لقد عرفت بأنك أفعى سمها من أخطر ما خلق الإله و لن أتركك تلذغين شخصا آخر، أنا و زوجي لك بالمرصاد.
فتحت منى فاها لتتكلم لكن سلمى قاطعتها
سلمى: لا أريد أن أسمع صوتك، ادخلي و إن عرفت أنك تصرفت أي تصرف مشين فأعلمني أن التقرير كاملا سيصل إلى كريمة
قلصت سلمى وجهها بعد أن أتمت كلامها و قالت في اشمئزاز
سلمى: سأدخل بيتي فالرائحة هنا كريهة افففف
و غادرت بخطى متثاقلة و هي تربت على بطنها كعادة الحوامل.
[/rtl]

[rtl]
الفصل الرابع عشر

دخلت منى و قلبها مرتعش بين ضلوعها، لماذا يحدث معها كل هذا؟؟؟ إنها في ورطة كبيرة، سلمى أبانت لها عن وجه تجهل وجوده، كانت تظنها هشة ضعيفة كوالدتها كريمة لكنها صدمت عندما رأت مخالبها.
انقطع حبل أفكارها عندما سمعت صوت نحيب آت من غرفة والدتها، جرت إليها لتجدها منكفئة على وجهها فوق السرير و هي تنتحب، ارتعبت منى من حال والدتها و جرت إليها و حطت يدها على كتفها و قالت بصوت مرعوب
منى: ماما؟!؟!! ما بك؟؟ ما الذي جرى؟؟
التفتت إليها كريمة بوجهها الرقيق الذي بلله الدمع و عينيها اللتين تسبحان في بركة مالحة، و قالت لابنتها بصوت مختنق
كريمة: لا تصدقيهم يا منى، أنا لم أفعل شيئا، لقد كنت دائماً أمينة مع الله ومع طلابي و مع نفسي
زاد رعب منى عندما سمعت كلام والدتها الذي ضاعف حيرتها و قالت بصوت خافت و يدها تمسح الدموع التي ماتزال تتدحرج حارة على  خد كريمة
منى: لا أفهم شيئا، التقطي أنفاسك ماما و أخبريني عن كل ما حدث بالتفصيل
شهقت كريمة شهقات صغيرة متتالية كالأطفال و حاولت أن تستجمع قواها أمام ابنتها ثم قالت بصوت متهدج
كريمة: لقد تم وقفي عن العمل و إحالتي إلى التحقيق، سأطرد في أي لحظة و ربما أسجن أيضاً
عادت كريمة للنحيب و هي تغطي وجهها بيديها فسارعت منى لاحتضانها و عقلها يفكر فيما قد يكون سببا لإحالة والدتها إلى التحقيق و هي التي لم تمس أحدا بسوء من قبل، طيبتها المفرطة كانت دائماً سبب تفكه طلابها بها و استغلالهم لها، ما الذي حدث؟؟ ربما تغيرت نظرة الكل إليها بسبب ما جرى لوالدتها، عادت منى تكلم والدتها بصوت رقيق كما لو كانت تكلم طفلة صغيرة
منى: أمي، أرجوك كفي عن البكاء سنجد حلا لكل هذا، أخبريني عما حدث فأنا مازلت لا أفهم
شهقت كريمة مرة أخرى و قالت
كريمة: هناك طالب قدم ضدي شكوى لإدارة المدرسة، يقول بأنني أرغمته على إرسال المال لي كي أمنحه أسئلة الإمتحانات الجهوية لمادتي، و هددته بالرسوب إن لم يحول لي المال، الفتى لديه كل الدلائل، اسم وكالة البريد و بياناتي في سجلاتهم و ...
ضاعت كلمات كريمة وسط سيل آخر من الدموع بينما ارتسم الرعب على ملامح منى و قد عرفت سبب هذا المشكل، إنه فتى الأنترنت الذي هددها بالإنتقام منها بأبشع الطرق، لكنها لم تتوقع أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة.
الإدارة لا يمكن أن تتساهل مع من تخول له نفسه بيع أسئلة الإمتحانات أو تسريبها، لكن والدتها بريئة، هي و صديقاتها على علم ببراءتها، أخذت منى والدتها بين ذراعيها تهدهدها كطفل صغير و هي تهمس لها بصوت خافت
منى: لا تخافي ماما كل شيء سيكون على ما يرام، هذه شدة ستزول بأسرع وقت
كانت كريمة تتمتم و وجهها مضغوط على صدر منى، صوتها المتقطع كان يصل إلى مسامع منى ضئيلا
كريمة: آسفة إن أنا شوهت صورتك أمام زملائك، لكنني بريئة، الله وحده يعلم أنني بريئة
ظلتا على تلك الحال إلى أن انتظم تنفس كريمة و استسلمت منهكة للنوم.
أرقدتها منى بلطف في فراشها و خرجت من غرفتها و دمها يغلي غضبا.
كيف تجرأ على فعل هذا بها؟؟
بدأت ترتعش و تذرع غرفتها جيئة و ذهابا و هي تعتصر عقلها علها تجد وسيلة تخرج بها نفسها من هذه الورطة.
توقفت عن الحركة تماما عندما اكتشفت أن الطريقة الوحيدة التي ستنقذ والدتها هي اعترافها بما كانت تفعل، شعرت بالرعب مما وصل إليه تفكيرها، إنها لم تعد قادرة على التفكير، تحتاج إلى المساعدة، ظهرت أمامها صورة صديقاتها الثلاث، تحتاج إلى تواجدهن قربها، تذكرت كيف كانت نظراتهن إليها هذا الصباح، لقد كن يعرفن، الثانوية كلها تعرف بأنها ابنة الأستاذة التي حاولت بيع أسئلة الإمتحان، الكل يحتقرها، أحست منى بأنها أتعس مخلوقة على وجه الأرض، بدأت تتراءى لها كل زلاتها الواحدة تلو الأخرى، إن لها بصمة سلبية على حياة كل الناس بدءا بوالدتها و انتهاءا بصديقاتها الثلاث، أحست بأن الأوكسجين نفسه صار يحتقرها فيأبى الوصول إلى رئتيها، كانت تجاهد عبثا لالتقاط أنفاسها، انعدمت الرؤية، سواد، تمسكت بأحد أعمدة السرير، يد عملاقة تعتصر رئتيها في قسوة، لم تظن يوما أن ألما كهذا الذي تشعر موجود على وجه الأرض، أبت الآه أن تغادر حلقها، لم تشعر بنفسها حين هوت على الأرض كلوح خشبي.
 
الفصل الخامس عشر

انتهت الحصص لهذا اليوم، كانت أحلام و إيمان و هبة يجلسن في المقهى المعتاد، سبب اجتماعهن هنا هو مشكلة منى و ما يمكنهن فعله لها، كن في غاية الحزن و الأسى و كل واحدة منهن تحمل نفسها جزءا من المسؤولية إذ أنهن شاركن بشكل أو بآخر في كل هذا، كانت إيمان أول المتكلمات
إيمان: لا يجب أن نسكت، يجب أن نفعل شيئا
أجابتها أحلام بصوتها الثائر
أحلام: طبعا لن نسكت، نحن عندنا الدليل على براءة والدة منى، يجب أن نبلغ الإدارة، ان كل محادثات منى مع الفتى مسجلة، و من السهل جداً أن نجد الجزء الذي منحته فيه منى اسم والدتها الكامل و رقم بطاقتها القومي و رسالته التهديدية الأخيرة مازالت محفوظة في بريدها الإلكتروني.
هبة: يجب أن نخبر منى قبل أن نقدم على أية خطوة
التفتت إليها أحلام في حدة و قالت بصوت صارم
أحلام: سنخبرها طبعا، لكن ذلك سيكون من باب العلم بالشيء فقط
ساد الصمت بينهن و كل واحدة تلوم نفسها لأنها سمحت بهذا التلاعب بل و شاركت فيه، جاءت كلمات أحلام بعد الصمت صارمة و محددة
أحلام: أعرف بأن الوقت غير مناسب لكننا يجب أن نعيد النظر في تصرفاتنا، الكثير من الأشياء يجب أن تتغير
أطرقت إيمان و هبة برأسيهما و هما مقتنعتان بأن أحلام محقة، الكثير من الممارسات غير المسؤولة و الكثير من الإستهتار، كل هذا يجب أن ينتهي، لسن مضطرات للمرح على حساب الآخرين، يجب أن يضعن حدا لهذا التمادي.
كانت كل واحدة غارقة في أفكارها عندما رن هاتف إيمان، أجابت عليه فبدا من تعبيرات وجهها أن الأمر خطير
إيمان: منى؟؟....و أين هي الآن؟؟؟؟....لا تخافي خالتي هذا مجرد تعب و ضغط نفسي ستقوم منهما إن شاء الله...طبعا سنأتي إليها...بعد ساعة على الأكثر...دمت بخير
نظرت إيمان إلى صديقاتها نظرة تشي بخطورة الأمر و قالت و هي تعدل من وضع نظاراتها على أنفها
إيمان: أصيبت منى بانهيار عصبي، لم تحتمل خبر وقف والدتها عن العمل و إحالتها إلى التحقيق
تبادلت الفتيات النظرات و قمن في حركة واحدة، يجب أن يكن مع صديقتهن منى الآن.
نزلن من سيارة الأجرة أمام منزل منى و صعدن السلالم جريا، فتحت لهن كريمة الباب و وجهها ذابل شاحب كأن عمرها قفز بها عشر سنين للأمام، و قادتهن بصمت إلى غرفة منى، أحطن بها و كلهن أسى لحالها، لون بشرتها أبيض شاحب كلون شراشف السرير، لا بريق في عينيها، نظرت إليهن و قالت بصوت واهن
منى: أرأيتن ما جرى لي؟ لقد ورطت أمي و شوهت سمعتها
أجابتها أحلام بلهجة رقيقة لكنها حازمة في نفس الوقت
أحلام: مازال بإمكاننا تبرئتها يا منى
منى: كيف؟؟
نظرت إليها أحلام في استنكار و قالت بصوت لم تستطع جعله يخلو من الحدة
أحلام: بيدك يا منى أن تبرئي والدتك من كل ما نسب إليها
أشارت أحلام بسبابتها إلى جهاز الحاسوب و استطردت
أحلام: هذا الحاسوب يحتوي على الكثير من الأدلة، المحادثات المسجلة، الرسائل و يوم منحت الفتى اسم والدتك الكامل و رقم بطاقتها، هذا كفيل بجعلها تخرج من الموضوع صافية الذمة لامعة السمعة كما كانت.
كانت منى تنصت إلى أحلام و وجهها يزداد شحوبا، و قالت بصوت خافت لا يكاد يسمع
منى: لكنني سأفضح نفسي
سمعتها أحلام و ردت عليها بقسوة
أحلام: أنت أو هي، لك أن تختاري، لكن لا تنسي أنك المذنبة و أنها البريئة و إن منعتك أنانيتك من الإعتراف فأنا سأعترف، أنا كنت شاهدة على كل شيء و لن أسمح بأن تنال خالتي العقاب و هي بريئة من كل ذنب
نظرت إليها منى بخوف و فتحت فمها لتتكلم لكن الكلمات أبت الخروج فأطرقت برأسها  و انسابت دموعها بصمت لتعبر عن الندم و الأسى.
نظرت إليها أحلام نظرة طويلة ثم قالت بنفس اللهجة الحادة الحازمة
أحلام: أمامك يومين إما أن تعترفي أو أعترف أنا
أكملت أحلام جملتها و خرجت صافقة الباب وراءها تاركة الكل ينظر إليها بمزيج من الحيرة و الألم و قلة الحيلة.
كانت أحلام تمشي و هي تضرب بقدميها الأرض في غضب، كيف لمنى أن تواصل التفكير في نفسها في ظل هذه الظروف؟ كيف للأنانية أن تطغى على كل المشاعر الأخرى؟
كيف لها ان تفضل سمعتها على سمعة والدتها، و لماذا أصلا تختار؟؟؟ ليست تملك هذا الترف، إنها مذنبة و عليها تحمل النتائج حتى لو كانت الضحية شخصا آخر غير كريمة، كانت تواصل طريقها و الغضب يسكن ملامحها عندما أحست بيد تمسك ذراعها، تركت العنان لقبضتها التي أخذت طريقها السريع نحو وجه الفتى و رسمت على وجهه لكمة عنيفة أسالت الدم من أنفه.
شعرت بالرعب حينما تبينت لملامح سليم المستنكرة و المتألمة، حاولت الإمساك بذراعه في حركة متعذرة لكنه أوقفها بإشارة مقتضبة من سبابته، كان يطلق السباب في كلمات سريعة لم تتبينها أحلام و لم تفهم معناها، ظلت تنظر إليه في غباء و هي لا تعرف ماذا يمكنها أن تفعل للإعتذار، تابعت بعينيها قطرات دم سالت من أنفه لتلوث تي شيرته الشبابي الأنيق، فأخرجت منديلا من جيبها و اقتربت منه تبغي تنظيف البقعة، توقف عن الهمهمة و السباب عندما أحس بقربها و هي تمسح بقعة الدم بتفان، نظر إليها وقد نسي كل الألم و لم يدر ما أصابه، اقترب أكثر و هي غافلة عن ما يحسه من جنون، داعبت أنفاسه الحارة خدها فرفعت و جهلها تنظر إليه، هالها القرب منه إلى هذه الدرجة فارتبكت و توقفت يدها عن الحركة و سقط منديلها أرضا بينما ظلت اليد مستقرة في حيرة على صدره الذي يعلو و يهبط ليشي بحب هائج يعبث بأعماقه، أرادت أحلام التراجع لكنه أمسك يدها المستكينة على صدره ليضغطها على قلبه أكثر و همس بصوت ساحر
سليم: أتسمعين؟؟ أثرت فوضى عارمة في صدري يا فاتنة
لم تصدق أن هذا الكلام موجه إليها، هي فاتنة؟؟؟ بشعرها القصير و كاسكيتها الذكوري و زيها الفضفاض، ذابت عظامها و غرقت في بحر من الأحاسيس اللذيذة، أيقظتها من كل هذا صورة رجل في الخمسين على الجانب الآخر من الشارع، كان يرمقها بنظرة قاتلة، لم تشعر بنفسها إلا و هي تسحب يدها و تصرخ "أبيييييي" و تطلق ساقيها للريح
[/rtl]
Ch.Marwen
Ch.Marwen
الادارة العليا
الادارة العليا

المتصفح : Google Chrome
الإقامة : Republic of Tunisia
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 25405
نقاط : 103330942
تقييم : 7859
تاريخ الميلاد : 14/01/1990
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
العمر : 34

http://www.arabwoorld.com
-----

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37	 Empty رد: مراهقات.......................تمت إضافة الفصل 37

مُساهمة من طرف Ch.Marwen الثلاثاء 26 نوفمبر 2013, 21:32




الفصل السادس عشر

بدأت منى تغفو، نظرت إليها هبة في حنان، مسكينة منى، إنها لا تستحق ما يحدث معها، هكذا فكرت هبة في سرها و هي تتأمل ملامح صديقتها الرقيقة.
اتصلت هبة بوالدتها و أخبرتها بأنها ستقضي الليلة مع منى و تكفلت كريمة بطمئنة والدة هبة و إقناعها.
علا صوت تنفس منى الرتيب فعادت هبة للنظر إليها، وجدتها تغط في النوم. هاجمها الأرق و لم تستطع أن تغلق أجفانها، دست يدها في جيب سروالها لتخرج العلبة الصغيرة الخضراء، استنشقت بعمق عطر النعناع الذي يفوح منها و هي مغمضة العينين، فتحتها و أخرجت منها حبة دستها في فمها و اتكأت على الأريكة و هي تذوب كما تذوب حبة السكاكر في فمها.
كانت ترتدي فستانا أبيض طويل الذيل و تزين شعرها الأحمر بورود صغيرة بيضاء منثورة بعشوائية و كانت تجلس على أرجوحة كبيرة في حديقة غناء، رائحة عطر غريب يملأ المكان، عطر رجالي يدير الرؤوس، التفتت يمينا و شمالا، من أين يأتي هذا العطر؟؟ أريجه يقترب منها في إصرار حتى صار يغلف وجودها كله، استنشقته بعمق و أغمضت عينيها في هيام، أحست بشيء كالسحر يلمس خدها الأيمن فيحيل دقات قلبها مهرجان طبول، فتحت عينيها فطالعها وجهه الوسيم، نظرة رقيقة تحتل عينيه، اقترب ببطء ليطبع قبلة على خدها الأيسر فأحست بنفس السحر الذي مازال مرابطا على خدها الأيمن.
تلاحقت أنفاسها و صار صدرها يعلو و يهبط كأنها كانت تجري، أحست بأنها تنجذب إليه لا إراديا، هذا العطر يسلبها إرادتها، إنها تعجز عن التحكم في جسدها فتفعل عكس ما تفكر، استقام في وقفته و مد يده لها كأنه يدعوها للرقص، استجابت لدعوته الصامتة في خجل، عانقت يده يدها و و قفت أمامه، لم تكن تفصلهما إلا سنتمترات قليلة أحالها عدما عندما جذبها بقوة إلى صدره، أهذا عناق؟ أم جنون؟
"هبة"
فتحت هبة عينيها و نظرت إلى منى التي كانت تهزها بلطف لتوقظها، كانت ما تزال في عالم السحر و الجمال فلم تع ما تقوله منى التي نظرت إليها و أعادت كلامها بصوت أعلى منى: هبة، أريدك أن تساعديني، سأمسح كل آثار محادثاتي مع الذئب الوحيد، لا أريد أن أترك أي أثر للعبث الذي كنت أغوص فيه معه
صدمت هبة عندما سمعت كلام منى الذي أطار من ذاتها كل آثار السحر التي كانت تسبح فيها و قالت باستنكار
هبة: لكن هذه هي أدلة تبرئة والدتك الوحيدة أجابتها منى في حزم
منى: أعرف، لكنني إن اعترفت سأفضح نفسي و أفضحها و صدمتها في ابنتها ستكون أقوى عليها من صدمتها في ما جرى لها، ما سأفعله الآن هو أحسن حل
ظلت هبة تنظر إلى منى و إصرارها الغريب و قالت بصوت متردد
هبة: و والدتك منى؟ هل ستتركينها تطرد بلا ذنب اقترفته؟
هزت منى كتفيها و قالت
منى: لقد فكرت مليا بكل هذا، عندي قناعة تامة بأن أمي لن تطرد و لن يحدث لها شيء، الله سيحميها بما أنها بريئة
استغربت هبة في صمت من منطق منى الغريب لكنها لم تعلق و إن كرهت هذا التصرف الأناني الصِّرف و تابعت منى ببصرها و هي تأخذ مجلسها أمام جهاز الحاسوب و تحرك أصابعها ببراعة على أزراره كي توقع بأصابعها على صك الألم الذي تتلقاه والدتها، كانت هبة كلما زادت في تأمل صديقتها كلما زادت استغرابا، أي فتاة هذه التي تذر الملح على جروح أقرب الناس إليها، تذكرت كيف مزقت بطاقة السيد كمال و مزقت معها كل أمل في التواصل معه، تذكرت كيف أنها جعلتها تقضي ليلتها في البكاء حركت هبة رأسها لتنفض عنها هذه الأفكار و قامت من مكانها فجأة و قالت بصوت قاطع
هبة: سأعود إلى المنزل
التفتت إليها منى باستغراب و قالت
منى: جننت؟؟؟ لقد تأخر الوقت
أحست هبة أنها لم تعد تقوى على احتمال منى و صار كلامها يجثم على أنفاسها فتعجز عن التنفس بقربها إنها تحتاج إلى الهواء
هبة: لا بأس، سآخذ سيارة أجرة ستوصلني إلى باب منزلي، لا تقلقي بشأني، ثم إنك أصبحت بخير و لن تحتاجيني في شيء
هزت منى كتفيها كعادتها و قالت
منى: كما تشائين
خرجت هبة متجهة إلى الباب لكنها تذكرت برعب أنها نسيت العلبة الخضراء في غرفة منى على الأريكة فعادت لتستردها، كان باب الغرفة مواربا لكنه سمح لها برؤية منى و هي تدوس بحذائها المنزلي علبتها الصغيرة و تعبير شرير و قاس يحتل ملامحها، لم تر هبة أبدا وجها حقودا كهذا و لم تعلم يوما أن مشاعر الحقد قد تطفو على الوجوه لتحيلها إلى قطعة من الجحيم، كتمت شهقتها المرعوبة بكفها و جرت مبتعدة عن هذه التي كانت تسميها صديقتها.
Ch.Marwen
Ch.Marwen
الادارة العليا
الادارة العليا

المتصفح : Google Chrome
الإقامة : Republic of Tunisia
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 25405
نقاط : 103330942
تقييم : 7859
تاريخ الميلاد : 14/01/1990
تاريخ التسجيل : 11/02/2012
العمر : 34

http://www.arabwoorld.com
-----

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

  • ©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع